وقوله :﴿وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً﴾ [الإنسان : ٢٤] أي وكفورا. وقوله :﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ [النساء : ٤٣] معناه وجاء أحد منكم من الغائط وأنتم مرضى أو مسافرون. وقوله :﴿إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ﴾ [الأنعام : ١٤٦] وما كان مثله. ويعتضد هذا بأنه تعالى عطف عليها بعد ذلك المفروض لها فقال :﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ [البقرة : ٢٣٧]. فلو كان الأول لبيان طلاق المفروض لها قبل المسيس لما كرره.
السادسة :- قوله تعالى :﴿وَمَتِّعُوهُنَّ﴾ معناه أعطوهن شيئا يكون متاعا لهن. وحمله ابن عمر وعلي بن أبي طالب والحسن بن أبى الحسن وسعيد بن جبير وأبو قلابة والزهري وقتادة والضحاك بن مزاحم على الوجوب. وحمله أبو عبيد ومالك بن أنس وأصحابه والقاضي شريح وغيرهم على الندب. تمسك أهل القول الأول بمقتضى الأمر. وتمسك أهل القول الثاني بقوله تعالى :﴿حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ و﴿عَلَى الْمُتَّقِينِ﴾ ولو كانت واجبة لأطلقها على الخلق أجمعين. والقول الأول أولى ؛ لأن عمومات الأمر بالإمتاع في قوله :﴿مَتِّعُوهُنَّ﴾ وإضافة الإمتاع إليهن بلام التمليك في قوله :﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ﴾ أظهر في الوجوب منه في الندب. وقوله :﴿عَلَى الْمُتَّقِينِ﴾ تأكيد لإيجابها ؛ لأن كل واحد يجب عليه أن يتقي الله في الإشراك به ومعاصيه، وقد قال تعالى في القرآن :﴿هُدىً لِلْمُتَّقِينَ﴾
السابعة :- واختلفوا في الضمير المتصل بقوله ﴿وَمَتِّعُوهُنَّ﴾ من المراد به من النساء ؟ فقال ابن عباس وابن عمر وجابر بن زيد والحسن والشافعي وأحمد وعطاء وإسحاق وأصحاب الرأي : المتعة واجبة للمطلقة قبل البناء والفرض، ومندوبة في حق غيرها. وقال مالك وأصحابه : المتعة مندوب إليها في كل مطلقة وإن دخل بها، إلا في التي لم يدخل بها وقد فرض لها فحسبها ما فرض لها ولا متعة لها. وقال أبو ثور : لها المتعة ولكل مطلقة. وأجمع أهل العلم على أن التي لم يفرض لها ولم يدخل بها لا شيء لها غير المتعة. قال الزهري : يقضي لها بها القاضي. وقال جمهور الناس : لا يقضي بها