التاسعة : من جهل المتعة حتى مضت أعوام فليدفع ذلك إليها وإن تزوجت، وإلى ورثتها إن ماتت، رواه ابن المواز عن ابن القاسم. وقال أصبغ : لا شيء عليه إن ماتت لأنها تسلية للزوجة عن الطلاق وقد فات ذلك. ووجه الأول أنه حق ثبت عليه وينتقل عنها إلى ورثتها كسائر الحقوق، وهذا يشعر بوجوبها في المذهب، والله أعلم.
العاشرة :- قوله تعالى :﴿عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ﴾ دليل على وجوب المتعة وقرأ الجمهور ﴿الْمُوسِعِ﴾ بسكون الواو وكسر السين، وهو الذي اتسعت حاله، يقال : فلان ينفق، على قدره، أي على وسعه. وقرأ أبو حيوة بفتح الواو وشد السين وفتحها. وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر "قدره" بسكون الدال في الموضعين. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص بفتح الدال فيهما. قال أبو الحسن الأخفش وغيره : هما بمعنى، لغتان فصيحتان، وكذلك حكى أبو زيد، يقول : خذ قدر كذا وقدر كذا، بمعنى. ويقرأ في كتاب الله :﴿فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾ [الرعد : ١٧] وقدرها، وقال تعالى :﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ [الأنعام : ٩١] ولو حركت الدال لكان جائزا. و﴿لمُقْتِرِ﴾ لمقل القليل المال. و ﴿مَتَاعَاً﴾ نصب على المصدر، أي متعوهن متاعا ﴿بالمعروف﴾ أي بما عرف في الشرع من الاقتصاد.
الحادية عشرة :- قوله تعالى :﴿حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ أي يحق ذلك عليهم حقا، يقال : حققت عليه القضاء وأحققت، أي أوجبت، وفي هذا دليل على وجوب المتعة مع الأمر بها، فقوله :﴿حَقّاً﴾ تأكيد للوجوب. ومعنى ﴿عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ و﴿عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ أي على المؤمنين، إذ ليس لأحد أن يقول : لست بمحسن ولا متق، والناس مأمورون بأن يكونوا جميعا محسنين متقين ؛ فيحسنون، بأداء فرائض الله ويجتنبون معاصيه حتى لا يدخلوا النار ؛ فواجب على الخلق أجمعين أن يكونوا محسنين متقين. و ﴿حَقّاً﴾ صفة لقوله ﴿ مَتَاعَاً﴾ أو نصب على المصدر، وذلك أدخل في التأكيد للأمر ؛ والله أعلم.