الأوزاعي أنه قال : من تكلم لإحياء نفس أو مثل ذلك من الأمور الجسام لم تفسد صلاته بذلك. وهو قول ضعيف في النظر ؛ لقول الله عز وجل :﴿ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ وقال زيد بن أرقم :"كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت :﴿ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾." الحديث. وقال ابن مسعود : سمعت رسول الله ﷺ يقول :"إن الله أحدث من أمره ألا تكلموا في الصلاة". وليس الحادث الجسيم الذي يجب له قطع الصلاة ومن أجله يمنع من الاستئناف، فمن قطع صلاته لما يراه من الفضل في إحياء نفس أو مال أو ما كان بسبيل ذلك استأنف صلاته ولم يبن. هذا هو الصحيح في المسألة إن شاء الله تعالى.
واختلفوا في الكلام ساهيا فيها ؛ فذهب مالك والشافعي وأصحابهما إلى أن الكلام فيها ساهيا لا يفسدها، غير أن مالكا قال : لا يفسد الصلاة تعمد الكلام فيها إذا كان في شأنها وإصلاحها ؛ وهو قول ربيعة وابن القاسم. وروى سحنون عن ابن القاسم عن مالك قال : لو أن قوما صلى بهم الإمام ركعتين وسلم ساهيا فسبحوا به فلم يفقه، فقال له رجل من خلفه ممن هو معه في الصلاة : إنك لم تتم فأتم صلاتك ؛ فالتفت إلى القوم فقال : أحق ما يقول هذا ؟ فقالوا : نعم، قال : يصلي بهم الإمام ما بقي من صلاتهم ويصلون معه بقية صلاتهم من تكلم منهم ومن لم يتكلم ولا شيء عليهم ويفعلون في ذلك ما فعل النبي ﷺ يوم ذي اليدين. هذا قول ابن القاسم في كتابه المدونة وروايته عن مالك، وهو المشهور من مذهب مالك وإياه تقلد إسماعيل بن إسحاق واحتج له في كتاب رده على محمد بن الحسن. وذكر الحارث بن مسكين قال : أصحاب مالك كلهم على خلاف قول مالك في مسألة ذي اليدين إلا ابن القاسم وحده فإنه يقول فيها بقول مالك، وغيرهم يأبونه ويقولون : إنما كان هذا في صدر الإسلام، فأما الآن فقد عرف الناس صلاتهم فمن تكلم فيها أعادها ؛ وهذا هو قول العراقيين : أبي حنيفة وأصحابه والثوري فإنهم ذهبوا إلى أن الكلام في الصلاة يفسدها على أي حال كان سهوا أو عمدا لصلاة كان أو لغير ذلك ؛ وهو قوله إبراهيم النخعي


الصفحة التالية
Icon