أخرجه الأئمة، وهو بيان لقوله تعالى :﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾. واختلفوا في المأموم الصحيح يصلي قاعدا خلف إمام مريض لا يستطيع القيام ؛ فأجازت ذلك طائفة من أهل العلم بل جمهورهم ؛ لقوله ﷺ في الإمام :" وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون" وهذا هو الصحيح في المسألة على ما نبينه آنفا إن شاء الله تعالى. وقد أجاز طائفة من العلماء صلاة القائم خلف الإمام المريض لأن كلا يؤدي فرضه على قدر طاقته تأسيا برسول الله ﷺ إذ صلى في مرضه الذي توفي فيه قاعدا وأبو بكر إلى جنبه قائما يصلي بصلاته والناس قيام خلفه، ولم يشر إلى أبي بكر ولا إليهم بالجلوس، وأكمل صلاته بهم جالسا وهم قيام ؛ ومعلوم أن ذلك كان منه بعد سقوطه عن فرسه ؛ فعلم أن الآخر من فعله ناسخ للأول. قال أبو عمر : وممن ذهب إلى هذا المذهب واحتج بهذه الحجة الشافعي وداود بن علي، وهي رواية الوليد بن مسلم عن مالك. قال : وأحب إلي أن يقوم إلى جنبه ممن يعلم الناس بصلاته، وهذه الرواية غريبة عن مالك. وقال بهذا جماعة من أهل المدينة وغيرهم وهو الصحيح إن شاء الله تعالى ؛ لأنها آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم. والمشهور عن مالك أنه لا يؤم القيام أحد جالسا، فإن أمهم قاعدا بطلت صلاته وصلاتهم، لأن رسول الله ﷺ قال :"لا يؤمن أحد بعدي قاعدا ". قال : فإن كان الإمام عليلا تمت صلاة الإمام وفسدت صلاة من خلفه. قال : ومن صلى قاعدا من غير علة أعاد الصلاة ؛ هذه رواية أبي مصعب في مختصره عن مالك، وعليها فيجب على من صلى قاعدا الإعادة في الوقت وبعده. وقد روي عن مالك في هذا أنهم يعيدون في الوقت خاصة، وقول محمد بن الحسن في هذا مثل قول مالك المشهور. واحتج لقوله ومذهبه بالحديث الذي ذكره أبو مصعب، أخرجه الدارقطني عن جابر عن الشعبي قال : قال رسول الله ﷺ :"لا يؤمن أحد بعدي جالسا". قال الدارقطني : لم يروه غير جابر الجعفي عن الشعبي وهو متروك الحديث، مرسل لا تقوم به حجة. قال أبو عمر : جابر الجعفي لا يحتج بشيء يرويه مسندا فكيف بما يرويه مرسلا ؟ قال محمد بن الحسن : إذا صلى الإمام المريض جالسا بقوم أصحاء ومرضى