يقومون على ملوكهم وهم قعود فلا تفعلوا ائتموا بأئمتكم إن صلى قائما فصلوا قياما وإن صلى قاعدا فصلوا قعودا ". قال أبو حاتم : ففي هذا الخبر المفسر بيان واضح أن النبي ﷺ لما قعد عن يسار أبي بكر وتحول أبو بكر مأموما يقتدى بصلاته ويكبر يسمع الناس التكبير ليقتدوا بصلاته، أمرهم ﷺ حينئذ بالقعود حين رآهم قياما ؛ ولما فرغ من صلاته أمرهم أيضا بالقعود إذا صلى إمامهم قاعدا.
وقد شهد جابر بن عبدالله صلاته ﷺ حين سقط عن فرسه فجحش شقه الأيمن، وكان سقوطه ﷺ في شهر ذي الحجة آخر سنة خمس من الهجرة، وشهد هذه الصلاة في علته ﷺ في غير هذا التاريخ فأدى كل خبر بلفظه ؛ ألا تراه يذكر في هذه الصلاة : رفع أبو بكر صوته بالتكبير ليقتدي به الناس، وتلك الصلاة التي صلاها رسول الله ﷺ في بيته عند سقوطه عن فرسه، لم يحتج إلى أن يرفع صوته بالتكبير ليسمع الناس تكبيره على صغر حجرة عائشة، وإنما كان رفعه صوته بالتكبير في المسجد الأعظم الذي صلى فيه رسول الله ﷺ في علته ؛ فلما صح ما وصفنا لم يجز أن نجعل بعض هذه الأخبار ناسخا لبعض ؛ وهذه الصلاة كان خروجه إليها ﷺ بين رجلين، وكان فيها إماما وصلى بهم قاعدا وأمرهم بالقعود. وأما الصلاة التي صلاها آخر عمره فكان خروجه إليها بين بريرة وثوبة، وكان فيها مأموما، وصلى قاعدا خلف أبي بكر في ثوب واحد متوشحا به. رواه أنس بن مالك قال : آخر صلاة صلاها رسول الله ﷺ مع القوم في ثوب واحد متوشحا به قاعدا خلف أبي بكر فصلى عليه السلام صلاتين في المسجد جماعة لا صلاة واحدة. وإن في خبر عبيدالله بن عبدالله عن عائشة أن النبي ﷺ خرج بين رجلين. يريد أحدهما العباس والآخر عليا. وفي خبر مسروق عن عائشة : ثم إن النبي ﷺ وجد من نفسه خفة فخرج بين بريرة وثوبة، إني لأنظر إلى نعليه تخطان في الحصى وأنظر إلى بطون قدميه ؛ الحديث. فهذا يدلك على أنهما كانتا صلاتين لا صلاة واحدة. قال أبو حاتم : أخبرنا محمد