الله هذه الآية مقدمة بين يدي أمرة المؤمنين من أمة محمد ﷺ بالجهاد ؛ هذا قول الطبري وهو ظاهر رصف الآية.
قوله تعالى :﴿وَهُمْ أُلُوفٌ﴾ قال الجمهور : هي جمع ألف. قال بعضهم : كانوا ستمائة ألف. وقيل : كانوا ثمانين ألفا. ابن عباس : أربعين ألفا. أبو مالك : ثلاثين ألفا. السدي : سبعة وثلاثين ألفا. وقيل : سبعين ألفا ؛ قاله عطاء بن أبي رباح. وعن ابن عباس أيضا أربعين ألفا، وثمانية آلاف ؛ رواه عنه ابن جريج. وعنه أيضا ثمانية آلاف، وعنه أيضا أربعة آلاف، وقيل : ثلاثة آلاف. والصحيح أنهم زادوا على عشرة آلاف لقوله تعالى :﴿وَهُمْ أُلُوفٌ﴾ وهو جمع الكثرة، ولا يقال في عشرة فما دونها ألوف. وقال ابن زيد في لفظة ألوف : إنما معناها وهم مؤتلفون، أي لم تخرجهم فرقة قومهم ولا فتنة بينهم إنما كانوا مؤتلفين، فخالفت هذه الفرقة فخرجت فرارا من الموت وابتغاء الحياة بزعمهم، فأماتهم الله في منجاهم بزعمهم. فألوف على هذا جمع الف ؛ مثل جالس وجلوس. قال ابن العربي : أماتهم الله تعالى مدة عقوبة لهم ثم أحياهم ؛ وميتة العقوبة بعدها حياة، وميتة الأجل لا حياة بعدها. قال مجاهد : إنهم لما أحيوا رجعوا إلى قومهم يعرفون أنهم كانوا موتى ولكن سحنة الموت على وجوههم، ولا يلبس أحد منهم ثوبا إلا عاد كفنا دسما حتى ماتوا لآجالهم التي كتبت لهم. ابن جريج عن ابن عباس : وبقيت الرائحة على ذلك السبط من بني إسرائيل إلى اليوم. وروي أنهم كانوا بواسط العراق. ويقال : إنهم أحيوا بعد أن أنتنوا ؛ فتلك الرائحة موجودة في نسلهم إلى اليوم.
الثانية - : قوله تعالى :﴿حَذَرَ الْمَوْتِ﴾ أي لحذر الموت ؛ فهو نصب لأنه مفعول له. و"موتوا" أمر تكوين، ولا يبعد أن يقال : نودوا وقيل لهم : موتوا. وقد حكي أن ملكين صاحا بهم : موتوا فماتوا ؛ فالمعنى قال لهم الله بواسطة الملكين "موتوا"، والله أعلم.