وذكر أبو حاتم عن الأصمعي قال : هرب بعض البصريين من الطاعون فركب حمارا له ومضى بأهله نحو سفوان ؛ فسمع حاديا يحدو خلفه

لن يسبق الله على حمار ولا على ذي منعة طيار
أو يأتي الحتف على مقدار قد يصبح الله أمام الساري
وذكر المدائني قال : وقع الطاعون بمصر في ولاية عبدالعزيز بن مروان فخرج هاربا منه فنزل قرية من قرى الصعيد يقال لها [سكر]. فقدم عليه حين نزلها رسول لعبدالملك بن مروان. فقال له عبدالعزيز : ما اسمك ؟ فقال له : طالب بن مدرك. فقال : أوه ما أراني راجعا إلى الفسطاط فمات في تلك القرية.
الآية : ٢٤٤ ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾
هذا خطاب لأمة محمد ﷺ بالقتال في سبيل الله في قول الجمهور. وهو الذي ينوى به أن تكون كلمة الله هي العليا. وسبل الله كثيرة فهي عامة في كل سبيل ؛ قال الله تعالى :﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي﴾ [يوسف : ١٠٨]. قال مالك : سبل الله كثيرة، وما من سبيل إلا يقاتل عليها أو فيها أو لها، وأعظمها دين الإسلام، لا خلاف في هذا. وقيل : الخطاب للذين أحيوا من بني إسرائيل ؛ وروي عن ابن عباس والضحاك. والواو على هذا في قوله ﴿وَقَاتِلُوا﴾ عاطفة على الأمر المتقدم، وفي الكلام متروك تقديره : وقال لهم قاتلوا. وعلى القول الأول عاطفة جملة كلام على جملة ما تقدم، ولا حاجة إلى إضمار في الكلام. قال النحاس :"وقاتلوا" أمر من الله تعالى للمؤمنين ألا تهربوا كما هرب هؤلاء. ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ أي يسمع قولكم إن قلتم مثل ما قال هؤلاء ويعلم مرادكم به، وقال الطبري : لا وجه لقول من قال : إن الأمر بالقتال للذين أحيوا. والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon