قلت : ومن هذا المعنى قوله ﷺ لأزواجه :"أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا" فكن يتطاولن ؛ فكانت زينب أولهن موتا ؛ لأنها كانت تعمل بيدها وتتصدق ؛ خرجه مسلم. وقال بعض المتأولين : المراد بالعلم علم الحرب، وهذا تخصيص العموم من غير دليل. وقد قيل : زيادة العلم بأن أوحى الله إليه، وعلى هذا كان طالوت نبيا، وسيأتي.
قوله تعالى :﴿وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ﴾ ذهب بعض المتأولين إلى أن هذا من قول الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم. وقيل : هو من قول شمويل وهو الأظهر. قال لهم ذلك لما علم من تعنتهم وجدالهم في الحجج، فأراد إن يتمم كلامه بالقطعي الذي لا اعتراض عليه فقال الله تعالى :﴿وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ﴾. وإضافة ملك الدنيا إلى الله تعالى إضافة مملوك إلى ملك. ثم قال لهم على جهة التغبيط والتنبيه من غير سؤال منهم :﴿إن آية ملكه﴾. ويحتمل أن يكونوا سألوه الدلالة على صدقه في قوله :﴿إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً ﴾. قال ابن عطية : والأول أظهر بمساق الآية، والثاني أشبه بأخلاق بني إسرائيل الذميمة، وإليه ذهب الطبري.
الآية : ٢٤٨ ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾
قوله تعالى :﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ﴾ أي إتيان التابوت، والتابوت كان من شأنه فيما ذكر أنه أنزله الله على آدم عليه السلام، فكان عنده إلى أن وصل إلى يعقوب عليه السلام، فكان في بني إسرائيل يغلبون به من قاتلهم حتى عصوا فغلبوا على التابوت غلبهم عليه العمالقة : جالوت وأصحابه في قول السدي، وسلبوا التابوت منهم.
قلت : وهذا أدل دليله على أن العصيان سبب الخذلان، وهذا بين. قال النحاس : والآية في التابوت على ما روي أنه كان يسمع فيه أنين، فإذا سمعوا ذلك ساروا لحربهم،