قلوبكم فيما اختلفتم فيه من أمر طالوت ؛ ونظيره ﴿فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْه﴾ [التوبة : ٤٠] أي أنزل عليه ما سكن به قلبه. وقيل : أراد أن التابوت كان سبب سكون قلوبهم، فأينما كانوا سكنوا إليه ولم يفروا من التابوت إذا كان معهم في الحرب. وقال وهب بن منبه : السكينة روح من الله تتكلم، فكانوا إذا اختلفوا في أمر نطقت ببيان ما يريدون، وإذا صاحت في الحرب كان الظفر لهم. وقال علي بن أبي طالب : هي ريح هفافة لها وجه كوجه الإنسان. وروي عنه أنه قال : هي ريح خجوج لها رأسان. وقال مجاهد : حيوان كالهر له جناحان وذنب ولعينيه شعاع، فإذا نظر إلى الجيش انهزم. وقال ابن عباس : طست من ذهب من الجنة، كان يغسل فيه قلوب الأنبياء ؛ وقال السدي. وقال ابن عطية : والصحيح أن التابوت كانت فيه أشياء فاضلة من بقايا الأنبياء وآثارهم، فكانت النفوس تسكن إلى ذلك وتأنس به وتقوى.
قلت : وفي صحيح مسلم عن البراء قال : كان رجل يقرأ سورة "الكهف" وعنده فرس مربوط بشطنين فتغشته سحابة فجعلت تدور وتدنو وجعل فرسه ينفر منها، فلما أصبح أتى النبي ﷺ فذكر ذلك له فقال :" تلك السكينة تنزلت للقرآن". وفي حديث أبي سعيد الخدري : أن أسيد بن الحضير بينما هو ليلة يقرأ في مربده الحديث وفيه : فقال رسوله الله ﷺ :" تلك الملائكة كانت تستمع لك ولو قرأت لأصبحت يراها الناس ما تستتر منهم " خرجه البخاري ومسلم. فأخبر ﷺ عن نزول السكينة مرة، ومرة عن نزول الملائكة ؛ فدل على أن السكينة كانت في تلك الظلة، وأنها تنزل أبدا مع الملائكة. وفي هذا حجة لمن قال إن السكينة روح أو شيء له روح لأنه لا يصح استماع القرآن إلا لمن يعقل، والله أعلم.
قوله تعالى :﴿وَبَقِيَّةٌ﴾ اختلف في البقية على أقوال، فقيل : عصا موسى وعصا هارون ورضاض الألواح ؛ لأنها انكسرت حين ألقاها موسى، قال ابن عباس. زاد عكرمة : ، :


الصفحة التالية
Icon