آخر :"خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى". وقال قيس بن سعد : هذه الزكاة المفروضة. وقال جمهور العلماء : بل هي نفقات التطوع. وقيل : هي منسوخة. وقال الكلبي : كان الرجل بعد نزول هذه الآية إذا كان له مال من ذهب أو فضة أو زرع أو ضرع نظر إلى ما يكفيه وعياله لنفقة سنة أمسكه وتصدق بسائره، وإن كان ممن يعمل بيده أمسك ما يكفيه وعياله يوما وتصدق بالباقي، حتى نزلت آيه الزكاة المفروضة فنسخت هذه الآية وكل صدقة أمروا بها. وقال قوم : هي محكمة، وفي المال حق سوى الزكاة. والظاهر يدل على القول الأول.
الثالثة :- قوله تعالى :﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآياتِ﴾ قال المفضل بن سلمة : أي في أمر النفقة.﴿لعلكم تتفكرون﴾ فتحبسون من أموالكم ما يصلحكم في معاش الدنيا وتنفقون الباقي فيما ينفعكم في العقبى. وقيل : في الكلام تقديم وتأخير، أي كذلك يبين الله لكم الآيات في أمر الدنيا والآخرة لعلكم تتفكرون في الدنيا وزوالها وفنائها فتزهدون فيها، وفي إقبال الآخرة وبقائها فترغبون فيها.
*٣*الآية : ٢٢٠ ﴿فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لاعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾
قولة تعالى :﴿ وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى ﴾ إلى قوله :﴿حَكِيمٌ﴾ فيه ثمان مسائل :
ألاولى :- روى أبو داود والنسائي عن ابن عباس قال :"لما أنزل الله تعالى :﴿وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [الأنعام : ١٥٢] و﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً﴾ [النساء : ١٠] الآية، انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه فجعل يفضل من طعامه فيحبس له، حتى يأكله أو يفسد، فاشتد ذلك عليهم، فذكروا ذلك لرسول الله ﷺ فأنزل الله تعالى :﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ﴾ الآية، فخلطوا طعامهم بطعامه وشرابهم


الصفحة التالية
Icon