إلا ما رواه يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن عطاء وعمرو بن دينار أنهما سئلا عن نكاح الإماء المجوسيات، فقالا : لا بأس بذلك. وتأولا قول الله عز وجل :﴿وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ﴾. فهذا عندهما على عقد النكاح لا على الأمة المشتراة، واحتجا بسبي أوطاس، وأن الصحابة نكحوا الإماء منهن بملك اليمين. قال النحاس : وهذا قول شاذ، أما سبي أوطاس فقد يجوز أن يكون الإماء أسلمن فجاز نكاحهن وأما الاحتجاج بقوله تعالى :﴿وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ﴾ حتى يؤمن" فغلط، لأنهم حملوا النكاح على العقد، والنكاح في اللغة يقع على العقد وعلى الوطء، فلما قال :﴿ ولا تنكحوا المشركات﴾ حرم كل نكاح يقع على المشركات من نكاح ووطء. وقال أبو عمر بن عبدالبر : وقال الأوزاعي : سألت الزهري عن الرجل يشتري المجوسية أيطؤها ؟ فقال : إذا شهدت أن لا إله إلا الله وطئها. وعن يونس عن ابن شهاب قال : لا يحل له أن يطأها حتى تسلم. قال أبو عمر : قول ابن شهاب لا يحل له أن يطأها حتى تسلم هذا - وهو أعلم الناس بالمغازي والسير - دليل على فساد قول من زعم أن سبي أوطاس وطئن ولم يسلمن. روي ذلك عن طائفة منهم عطاء وعمرو بن دينار قالا : لا بأس بوطء المجوسية، وهذا لم يلتفت إليه أحد من الفقهاء بالأمصار. وقد جاء عن الحسن البصري - وهو ممن لم يكن غزوه ولا غزو أهل ناحيته إلا الفرس وما وراءهم من خراسان، وليس منهم أحد أهل كتاب - ما يبين لك كيف كانت السيرة في نسائهم إذا سبين، قال : أخبرنا عبدالله بن محمد بن أسد، قال : حدثنا إبراهيم بن أحمد بن فراس، قال : حدثنا علي بن عبدالعزيز، قال : حدثنا أبو عبيد، قال : حدثنا هشام عن يونس عن الحسن، قال : قال رجل له : يا أبا سعيد كيف كنتم تصنعون إذا سبيتموهن ؟ قال : كنا نوجهها إلى القبلة ونأمرها أن تسلم وتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ثم نأمرها أن تغتسل، وإذا أراد صاحبها أن يصيبها لم يصبها حتى يستبرئها. وعلى هذا تأويل جماعة العلماء في قول الله تعالى :﴿وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ﴾. أنهن الوثنيات والمجوسيات، لأن الله تعالى قد أحل الكتابيات بقوله :﴿والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم﴾يعني العفائف، لا من شهر زناها من


الصفحة التالية
Icon