قلت : أخرجه النسائي عن أم سلمة وترجم له "إنكاح الابن أمه".
قلت : وكثيرا ما يستدل بهذا علماؤنا وليس بشيء، والدليل على ذلك ما ثبت في الصحاح أن عمر بن أبي سلمة قال : كنت غلاما في حجر رسول الله ﷺ وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال :" يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك". وقال أبو عمر في كتاب الاستيعاب : عمر بن أبي سلمة يكنى أبا حفص، ولد في السنة الثانية من الهجرة بأرض الحبشة. وقيل : إنه كان يوم قبض رسول الله ﷺ ابن تسع سنين.
قلت : ومن كان سنه هذا لا يصلح أن يكون وليا، ولكن ذكر أبو عمر أن لأبي سلمة من أم سلمة ابنا آخر اسمه سلمة، وهو الذي عقد لرسول الله ﷺ على أمه أم سلمة، وكان سلمة أسن من أخيه عمر بن أبي سلمة، ولا أحفظ له رواية عن النبي ﷺ، وقد روى عنه عمر أخوه.
السادسة - واختلفوا في الرجل يزوج المرأة الأبعد من الأولياء - كذا وقع، والأقرب عبارة أن يقال : اختلف في المرأة يزوجها من أوليائها الأبعد والأقعد حاضر، فقال الشافعي : النكاح باطل. وقال مالك : النكاح جائز. قال ابن عبدالبر : إن لم ينكر الأقعد شيئا من ذلك ولا رده نفذ، وإن أنكره وهي ثيب أو بكر بالغ يتيمة ولا وصي لها فقد اختلف قول مالك وأصحابه وجماعة من أهل المدينة في ذلك، فقال منهم قائلون : لا يرد ذلك وينفذ، لأنه نكاح انعقد بإذن ولي من الفخذ والعشيرة. ومن قال هذا منهم لا ينفذ قال : إنما جاءت الرتبة في الأولياء على الأفضل والأولى، وذلك مستحب وليس بواجب. وهذا تحصيل مذهب مالك عند أكثر أصحابه، وإياه اختار إسماعيل بن إسحاق وأتباعه. وقيل : ينظر السلطان في ذلك ويسأل الولي الأقرب على ما ينكره، ثم إن رأى إمضاءه أمضاه، وإن رأى أن يرده رده. وقيل : بل للأقعد رده على كل حال، لأنه حق له. وقيل : له رده وإجازته ما لم يطل مكثها وتلد الأولاد، وهذه كلها أقاويل أهل المدينة.


الصفحة التالية
Icon