"وأميطوا عنه الأذى" يعني بـ "الأذى" الشعر الذي يكون على رأس الصبي حين يولد، يحلق عنه يوم أسبوعه، وهي العقيقة. وفي حديث الإيمان :"وأدناها إماطة الأذى عن الطريق" أي تنحيته، يعني الشوك والحجر، وما أشبه ذلك مما يتأذى به المار. وقوله تعالى :﴿وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ﴾ [النساء : ١٠٢] وسيأتي.
السادسة :- استدل من منع وطء المستحاضة بسيلان دم الاستحاضة، فقالوا : كل دم فهو أذى، يجب غسله من الثوب والبدن، فلا فرق في المباشرة بين دم الحيض والاستحاضة لأنه كله رجس. وأما الصلاة فرخصة وردت بها السنة كما يصلى بسلس البول، هذا قول إبراهيم النخعي وسليمان بن يسار والحكم بن عيينة وعامر الشعبي وابن سيرين والزهري. واختلف فيه عن الحسن، وهو قول عائشة : لا يأتيها زوجها، وبه قال ابن علية والمغيرة بن عبدالرحمن، وكان من أعلى أصحاب مالك، وأبو مصعب، وبه كان يفتي. وقال جمهور العلماء : المستحاضة تصوم وتصلي وتطوف وتقرأ، ويأتيها زوجها. قال مالك : أمر أهل الفقه والعلم على هذا، وإن كان دمها كثيرا، رواه عنه ابن وهب. وكان أحمد يقول : أحب إلي ألا يطأها إلا أن يطول ذلك بها. وعن ابن عباس في المستحاضة :"لا بأس أن يصيبها زوجها وإن كان الدم يسيل على عقبيها". وقال مالك : قال رسول الله ﷺ :"إنما ذلك عرق وليس بالحيضة". فإذا لم تكن حيضة فما يمنعه أن يصيبها وهي تصلي! قال ابن عبدالبر : لما حكم الله عز وجل في دم المستحاضة بأنه لا يمنع الصلاة وتعبد فيه بعبادة غير عبادة الحائض وجب ألا يحكم له بشيء من حكم الحيض إلا فيما أجمعوا عليه من غسله كسائر الدماء.
قوله تعالى :﴿ فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾ أي في زمن الحيض، إن حملت المحيض على المصدر، أو في محل الحيض إن حملته على الاسم. ومقصود هذا النهي ترك المجامعة. وقد اختلف العلماء في مباشرة الحائض وما يستباح منها، فروي عن ابن عباس وعبيدة السلماني "أنه يجب أن يعتزل الرجل فراش زوجته إذا حاضت". وهذا قول شاذ


الصفحة التالية
Icon