قوله تعالى :﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ﴾ " قال الزهري : صاح الشيطان يوم أحد : قتل محمد ؛ فانهزم جماعة من المسلمين. قال كعب بن مالك : فكنت أول من عرف رسول الله ﷺ، رأيت عينيه من تحت المغفر تزهران، فناديت بأعلى صوتي : هذا رسول الله ﷺ، فأومأ إلي أن أسكت، فأنزل الله عز وجل :﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا﴾ الآية. و"كأين" بمعنى كم. قال الخليل وسيبويه : هي أي دخلت عليها كاف التشبيه وبنيت معها فصار في الكلام معنى وكم وصورت في المصحف نونا ؛ لأنها كلمة نقلت عن أصلها فغير لفظها لتغير معناها، ثم كثر استعمالها فتلعبت بها العرب وتصرفت فيها بالقلب والحذف، فحصل فيها لغات أربع قرئ بها. وقرأ ابن كثير "وكائن" مثل وكاعن، على وزن فاعل، وأصله كيء فقلبت الياء ألفا، كما قلبت في ييأس فقيل ياءَسُ ؛ قال الشاعر :
وكائن بالأباطح من صديق | يراني لو أصبت هو المصابا |
وكائن رددنا عنكم من مدجج | يجيء أمام الركب يردي مقنعا |
وكائن في المعاشر من أناس | أخوهم فوقهم وهم كرام |
كأين من أناس لم يزالوا...
أخوهم فوقهم وهم كرام