ثم قد يستعمل مجازا كما في هذه الآية، وقوله :﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي﴾ [طه : ٣٩]. وألقى عليك مسألة.
قوله تعالى :﴿بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ﴾ تعليل ؛ أي كان سبب إلقاء الرعب في قلوبهم إشراكهم ؛ فما للمصدر. وبقال أشرك به أي عدل به غيره ليجعله شريكا. ﴿مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً﴾ حجة وبيانا، وعذرا وبرهانا ؛ ومن هذا قيل للوالي سلطان ؛ لأنه حجة الله عز وجل في الأرض. ويقال : إنه مأخوذ من السليط وهو ما يضاء به السراج، وهو دهن السمسم ؛ قال امرؤ القيس :
أمال السليط بالذُّبال المفتل
فالسلطان يستضاء به في إظهار الحق وقمع الباطل. وقيل السليط الحديد. والسلاطة الحدة. والسلاطة من التسليط وهو القهر ؛ والسلطان من ذلك، فالنون زائدة. فأصل السلطان القوة، فإنه يقهر بها كما يقهر بالسلطان. والسليطة المرأة الصخابة. والسليط الرجل الفصيح اللسان. ومعنى هذا أنه لم تثبت عبادة الأوثان في شيء من الِملل. ولم يدل عقل على جواز ذلك. ثم أخبر الله تعالى عن مصيرهم ومرجعهم فقال :﴿وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ﴾ ثم ذمه فقال :﴿وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ﴾ والمثوى : المكان الذي يقام فيه ؛ يقال : ثَوَى يَثْوي ثَواء. والمأوى : كل مكان يرجع إليه شيء ليلا أو نهارا.
الآية : ١٥٢ ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾
قال محمد بن كعب القرظي : لما رجع رسول الله ﷺ إلى المدينة بعد أحد وقد أصيبوا قال بعضهم لبعض : من أين أصابنا هذا وقد وعدنا الله النصر ! فنزلت هذه الآية. وذلك أنهم قتلوا صاحب لواء المشركين وسبعة نفر منهم بعده على اللواء، وكان