قوله تعالى :﴿لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ اللام متعلقة بقوله :﴿وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ﴾ وقيل : هي متعلقة بقوله :﴿فَأَثَابَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ﴾ أي كان هذا الغم بعد الغم لكيلا تحزنوا على ما فات من الغنيمة، ولا ما أصابكم من الهزيمة. والأول أحسن. و"ما" في قوله ﴿مَا أَصَابَكُمْ﴾ في موضع خفض. وقيل :"لا" صلة. أي لكي تحزنوا على ما فاتكم وما أصابكم عقوبة لكم على مخالفتكم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو مثل قوله :﴿مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ﴾ [الأعراف : ١٢] أي أن تسجد. وقوله ﴿لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ﴾ [الحديد : ٢٩] أي ليعلم، وهذا قول المفضل. وقيل : أراد بقوله ﴿فَأَثَابَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ﴾ أي توالت عليكم الغموم، لكيلا تشتغلوا بعد هذا بالغنائم. ﴿وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ فيه معنى التحذير والوعيد.
الآية : ١٥٤ ﴿ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾
قوله تعالى :﴿ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاساً﴾ الأمنة والأمن سواء. وقيل : الأمنة إنما تكون مع أسباب الخوف، والأمن مع عدمه. وهي منصوبة بـ "أنزل"، و"نعاسا" بدل منها. وقيل : نصب على المفعول له ؛ كأنه قال : أنزل عليكم للأمنة نعاسا. وقرأ ابن محيصن "أمْنَة" بسكون الميم. تفضل الله تعالى على المؤمنين بعد هذه الغموم في يوم