قوله تعالى :﴿لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ﴾ يعني ظنهم وقولهم. واللام متعلقة بقوله "قالوا" أي ليجعل ظنهم أنهم لو لم يخرجوا ما قتلوا. "حسرة" أي ندامة "في قلوبهم". والحسرة الاهتمام على فائت لم يقدر بلوغه ؛ قال الشاعر :
فواحسرتي لم أقض منها لبانتي | ولم أتمتع بالجوار وبالقرب |
قوله تعالى :﴿وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ أي يقدر على أن يحيي من يخرج إلى القتال، ويميت من أقام في أهله. ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ قرئ بالياء والتاء. ثم أخبر تعالى أن القتل في سبيل الله والموت فيه خير من جميع الدنيا.
الآية ١٥٧ :﴿وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾
١٥٨ :﴿وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ﴾
جواب الجزاء محذوف، استغني عنه بجواب القسم في قوله :"لمغفرة من الله ورحمة" وكان الاستغناء بجواب القسم أولى ؛ لأن له صدر الكلام، ومعناه ليغفرن لكم. وأهل الحجاز يقولون : متم، بكسر الميم مثل نمتم، من مات يمات مثل خفت يخاف. وسفلى مضر يقولون : متم، بضم الميم مثل نمتم، من مات يموت. كقولك كان يكون، وقال يقول. هذا قول الكوفيين وهو حسن. وقوله :﴿لإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ﴾ وعظ. وعظهم الله بهذا القول، أي لا تفروا من القتال ومما أمركم به، بل فروا من عقابه وأليم عذابه، فإن مردكم إليه لا يملك لكم أحد ضرا ولا نفعا غيره. والله سبحانه وتعالى أعلم.