وكيف ذلك ؟ قال لا أفعل شيئا حتى أشاورهم. وقال ابن خويز منداد : واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون، وفيما أشكل عليهم من أمور الدين، ووجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب، ووجوه الناس فيما يتعلق بالمصالح، ووجوه الكتاب والوزراء والعمال فيما يتعلق بمصالح البلاد وعمارتها. وكان يقال : ما ندم من استشار. وكان يقال : من أعجب برأيه ضل.
الثالثة :-قوله تعالى :﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ﴾ يدل على جواز الاجتهاد في الأمور والأخذ بالظنون مع إمكان الوحي ؛ فإن الله أذن لرسوله ﷺ في ذلك. واختلف أهل التأويل في المعنى الذي أمر الله نبيه عليه السلام أن يشاور فيه أصحابه ؛ فقالت طائفة : ذلك في مكائد الحروب، وعند لقاء العدو، وتطييبا لنفوسهم، ورفعا لأقدارهم، وتألفا على دينهم، وإن كان الله تعالى قد أغناه عن رأيهم بوحيه. روي هذا عن قتادة والربيع وابن إسحاق والشافعي. قال الشافعي : هو كقوله "والبكر تستأمر" تطيبا لقلبها ؛ لا أنه واجب. وقال مقاتل وقتادة والربيع : كانت سادات العرب إذا لم يشاوروا في الأمر شق عليهم : فأمر الله تعالى ؛ نبيه عليه السلام أن يشاورهم في الأمر : فإن ذلك أعطف لهم عليه وأذهب لأضغانهم، وأطيب لنفوسهم. فإذا شاورهم عرفوا إكرامه لهم. وقال آخرون : ذلك فيما لم يأته فيه وحي. روي ذلك عن الحسن البصري والضحاك قالا : ما أمر الله تعالى نبيه بالمشاورة لحاجة منه إلى رأيهم، وإنما أراد أن يعلمهم ما في المشاورة من الفضل، ولتقتدي به أمته من بعده. وفي قراءة ابن عباس :"وشاورهم في بعض الأمر" ولقد أحسن القائل :

فالله قد أوصى بذاك نبيه... في قوله :"شاورهم"و "توكل"
شاور صديقك في الخفي المشكل واقبل نصيحة ناصح متفضل
الرابعة :-جاء في مصنف أبي داود عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ :"المستشار مؤتمن". قال العلماء : وصفة المستشار إن كان في الأحكام


الصفحة التالية
Icon