في العرب ؛ لأنه ليس حّي من أحياء العرب إلا وقد ولده ﷺ، ولهم فيه نسب ؛ إلا بني تغلب فإنهم كانوا نصارى فطهره الله من دنس النصرانية. وبيان هذا التأويل قوله تعالى :﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ﴾ [الجمعة : ٢]. وذكر أبو محمد عبدالغني قال : حدثنا أبو أحمد البصري حدثنا أحمد بن علّي بن سعيد القاضي أبو بكر المروزي حدثنا يحيى بن معين حدثنا هشام بن يوسف عن عبدالله بن سليمان النوفلي عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها :﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ قالت : هذه للعرب خاصة. وقال آخرون : أراد به المؤمنين كلهم. ومعنى ﴿مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ أنه واحد منهم وبشر ومثلهم، وإنما أمتاز عنهم بالوحي ؛ وهو معنى قوله ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ [التوبة : ١٢٨] وخص المؤمنين بالذكر لأنهم المنتفعون به، فالمنة عليهم أعظم. وقوله تعالى :﴿يَتْلُو عَلَيْهِمْ﴾ "يتلو" في موضع نصب نعت لرسول، ومعناه يقرأ. والتلاوة القراءة. ﴿ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ تقدم في "البقرة". ومعنى :﴿وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ﴾ أي ولقد كانوا من قبل، أي من قبل محمد، وقيل :"إن" بمعنى ما، واللام في الخبر بمعنى إلا. أي وما كانوا من قبل إلا في ضلال مبين. ومثله ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ﴾ [البقرة : ١٩٨] أي وما كنتم من قبله إلا من الضالين. وهذا مذهب الكوفيين. وقد تقّدم في "البقرة" معنى هذه الآية.
الآية : ١٦٥ ﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾
قوله تعالى :﴿أَوَلَمَّا﴾ الألف للاستفهام، والواو للعطف. ﴿مُصِيبَةٌ﴾ أي غلبة. ﴿قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا﴾ يوم بدر بأن قتلتم منهم سبعين وأسرتم سبعين. والأسير في حكم المقتول ؛ لأن الآسر يقتل أسيره إن أراد. أي فهزمتموهم يوم بدر ويوم أحد أيضا في الابتداء، وقتلتم فيه قريبا من


الصفحة التالية
Icon