قال يوم أحد لما رأى قريشا قد أرسلت الظهر في زروع قناة، أترعى زروع بني قيلة ولما نضارب ؟ والمعنى إن لم تقاتلوا في سبيل الله فقاتلوا دفعا عن أنفسكم وحريمكم.
قوله تعالى :﴿هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ﴾ أي بينوا حالهم، وهتكوا أستارهم، وكشفوا عن نفاقهم لمن كان يظن أنهم مسلمون ؛ فصاروا أقرب إلى الكفر في ظاهر الحال، وإن كانوا كافرين على التحقيق. وقوله تعالى :﴿يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ﴾ أي أظهروا الإيمان، وأضمروا الكفر. وذكر الأفواه تأكيد ؛ مثل قوله :﴿يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ﴾ [الأنعام : ٣٨].
الآية : ١٦٨ ﴿الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾
قوله تعالى :﴿الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ﴾ معناه لأجل إخوانهم، وهم الشهداء المقتولون من الخزرج ؛ وهم إخوة نسب ومجاورة، لا إخوة الدين. أي قالوا لهؤلاء الشهداء : لو قعدوا، أي بالمدينة ما قتلوا. وقيل : قال عبدالله بن أبّي وأصحابه لإخوانهم، أي لأشكالهم من المنافقين : لو أطاعونا، هؤلاء الذين قتلوا، لما قتلوا. وقوله :﴿لَوْ أَطَاعُونَا﴾ يريد في ألا يخرجوا إلى قريش. وقوله : أي قالوا هذا القول وقعدوا بأنفسهم عن الجهاد ؛ فرد الله عليهم بقوله :﴿قُلْ فَادْرَأُوا﴾ أي قل لهم يا محمد : إن صدقتم فادفعوا الموت عن أنفسكم. والدرء الدفع. بين بهذا أن الحذر لا ينفع من القدر، وأن المقتول يقتل بأجله، وما علم الله وأخبر به كائن لا محالة. وقيل : مات يوم قيل هذا، سبعون منافقا. وقال أبو الليث السمرقندي : سمعت بعض المفسرين بسمرقند يقول : لما نزلت الآية ﴿قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ﴾ مات يومئذ سبعون نفسا من المنافقين.


الصفحة التالية
Icon