فيستأصلوا أهلها ؛ فقالوا ما أخبرنا الله عنهم :﴿حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾. وبينا قريش قد أجمعوا على ذلك إذ جاءهم معبد الخزاعّي، وكانت خزاعة حلفاء النبّي ﷺ وعيبة نصحه، وكان قد رأى حال أصحاب النبّي ﷺ وما هم عليه ؛ ولما رأى عزم قريش على الرجوع ليستأصلوا أهل المدينة احتمله خوف ذلك، وخالص نصحه للنبّي ﷺ وأصحابه على أن خوف قريشا بأن قال لهم : قد تركت محمدا وأصحابه بحمراء الأسد في جيش عظيم، قد اجتمع له من كان تخلف عنه، وهم قد تحرقوا عليكم ؛ فالنجاء النجاء! فإني أنهاك عن ذلك، فوالله لقد حملني ما رأيت أن قلت فيه أبياتا من الشعر. قال : وما قلت ؟ قال : قلت :
كادت تهد من الأصوات راحلتي | إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل |
تردي بأسد كرام لا تنابلة | عند اللقاء ولا ميل معازيل |
فظلت عدوا أظن الأرض مائلة | لما سموا برئيس غير مخذول |
فقلت ويل ابن حرب من لقائكم | إذا تغطمت البطحاء بالخيل |
إني نذير لأهل البسل ضاحية | لكل ذي إربة منهم ومعقول |
من جيش أحمد لا وخش قنابله | وليس يوصف ما أنذرت بالقيل |