وهما لغتان : حزنني الأمر يحزنني، وأحزنني أيضا وهي لغة قليلة ؛ والأولى أفصح اللغتين ؛ قاله النحاس. وقال الشاعر في أحزن :
مضى صحبي وأحزنني الديار
وقراءة العامة "يسارعون". وقرأ طلحة "يسرعون في الكفر". قال الضحاك : هم كفار قريش. وقال غيره : هم المنافقون. وقيل : هو ما ذكرناه قبل. وقيل : هو عام في جميع الكفار. ومسارعتهم في الكفر المظاهرة على محمد صلى الله عليه وسلم. قال القشيري : والحزن على كفر الكافر طاعة ؛ ولكن النبّي ﷺ كان يفرط في الحزن على كفر قومه، فنهي عن ذلك ؛ كما قال :﴿فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾ [فاطر : ٨] وقال :﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً﴾ [الكهف : ٦].
قوله تعالى :﴿إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً﴾ أي لا ينقصون من ملك الله وسلطانه شيئا ؛ يعني لا ينقص بكفرهم. وكما روي عن أبي ذر عن النبّي ﷺ فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال :"يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا. يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم. يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم. يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم. يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم. يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر. يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه". خرجه مسلم في صحيحه والترمذي وغيرهما، وهو حديث عظيم فيه طول


الصفحة التالية
Icon