قوله تعالى :﴿وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ فأجر المؤمن ثواب، وأجر الكافر عقاب، ولم يعتد بالنعمة والبلية في الدنيا أجرا وجزاء ؛ لأنها عرصة الفناء. ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ﴾ أي أبعد. ﴿ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾ ظفر بما يرجو، ونجا مما يخاف. وروى الأعمش عن زيد بن وهب عن عبدالرحمن بن عبد رب الكعبة عن عبدالله بن عمرو عن النبي ﷺ قال :" من سره أن يزحزح عن النار وأن يدخل الجنة فلتأته منيته وهو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويأتي إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه". عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :"موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها اقرؤوا إن شئتم ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾.
قوله تعالى :﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ أي تغر المؤمن وتخدعه فيظن طول البقاء وهي فانية. والمتاع ما يتمتع به وينتفع ؛ كالفأس والقدر والقصعة ثم يزول ولا يبقى ملكه ؛ قاله أكثر المفسرين. قال الحسن : كخضرة النبات، ولعب البنات لا حاصل له. وقال قتادة : هي متاع متروك توشك أن تضمحل بأهلها ؛ فينبغي للإنسان أن يأخذ من هذا المتاع بطاعة الله سبحانه ما استطاع. ولقد أحسن من قال :
هي الدار دار الأذى والقذى | ودار الفناء ودار الغير |
فلو نلتها بحذافيرها | لمت ولم تقض منها الوطر |
أيا من يؤمل طول الخلود | وطول الخلود عليه ضرر |
إذا أنت سبت وبان الشباب | فلا خير في العيش بعد الكبر |