في الكفار وغيرهم. فأما إذا قدم لغيره طعاما فيه سم فقد رفق به في الحال ؛ إذ لم يجرعه السم بحتا ؛ بل دسه في الحلاوة، فلا يستبعد أن يقال : قد أنعم عليه، وإذا ثبت هذا فالنعم ضربان : نعم نفع ونعم دفع ؛ فنعم النفع ما وصل إليهم من فنون اللذات، ونعم الدفع ما صرف عنهم من أنواع الآفات. فعلى هذا قد أنعم على الكفار نعم الدفع قولا واحدا ؛ وهو ما زوي عنهم من الآلام والأسقام، ولا خلاف بينهم في أنه لم ينعم عليهم نعمة دينه. والحمد لله.
التاسعة عشرة : قوله تعالى :﴿لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ﴾ استدراك بعد كلام تقدم فيه معنى النفي ؛ لأن معنى ما تقدم ليس لهم في تقلبهم في البلاد كبير الانتفاع، لكن المتقون لهم الانتفاع الكبير والخلد الدائم. فموضع "لكن" رفع بالابتداء. وقرأ يزيد بن القعقاع "لكن" بتشديد النون.
الموفيه عشرين : قوله تعالى :﴿ نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ نزلا مثل ثوابا عند البصريين، وعند الكسائي يكون مصدرا. الفراء : هو مفسر. وقرأ الحسن والنخعي ﴿نُزُلاً﴾ بتخفيف الزاي استثقالا لضمتين، وثقله الباقون. والنزل ما يهيأ للنزيل، والنزيل الضيف. قال الشاعر :

نزيل القوم أعظمهم حقوقا وحق الله في حق النزيل
والجمع الأنزال. وحظ نزيل : مجتمع. والنزل : أيضا الريع ؛ يقال ؛ طعام النزل والنزل.
الحادية والعشرين : قلت : ولعل النزل - والله أعلم - ما جاء في صحيح مسلم من حديث ثوبان مولى وسول الله ﷺ في قصة الحبر الذي سأل النبي ﷺ : أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ؟ فقال رسول الله ﷺ :"هم في الظلمة دون الجسر" قال : فمن أول الناس إجازة ؟ قال :"فقراء المهاجرين" قال اليهودي : فما تحفتهم حين يدخلون الجنة ؟ قال "زيادة كبد النون" قال : فما غذاؤهم على إثرها ؟ فقال :"ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها" قال : فما شرابهم عليه ؟ قال :"من عين فيها تسمى سلسبيلا" وذكر الحديث. قال أهل


الصفحة التالية
Icon