من الفقه أن الرجل إذا أرسل إلى رجل بسلامه فعليه أن يرد. كما يرد عليه إذا شافهه. وجاء رجل إلى النبي ﷺ فقال : إن أبي يقرئك السلام ؛ فقال :"عليك وعلى أبيك السلام ". وقد روى النسائي وأبو داود من حديث جابر بن سليم قال : لقيت رسول الله ﷺ فقلت : عليك السلام يا رسول الله ؛ فقال :"لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الميت ولكن قل السلام عليك". وهذا الحديث لا يثبت ؛ إلا أنه لما جرت عادة العرب بتقديم اسم المدعو عليه في الشر كقولهم : عليه لعنة الله وغضب الله. قال الله تعالى :﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ﴾ وكان ذلك أيضا دأب الشعراء وعادتهم في تحية الموتى ؛ كقولهم :

عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته ما شاء أن يترحما
وقال آخر وهو الشماخ :
عليك سلام من أمير وباركت يد الله في ذاك الأديم الممزق
نهاه عن ذلك، لا أن ذاك هو اللفظ المشروع في حق الموتى ؛ لأنه عليه السلام ثبت عنه أنه سلم على الموتى كما سلم على الأحياء فقال :"السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ". فقالت عائشة : قلت يا رسول الله، كيف أقول إذا دخلت المقابر ؟ قال :"قولي السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين " الحديث ؛ وسيأتي في سورة ﴿أَلْهَاكُمُ﴾ إن شاء الله تعالى.
قلت : وقد يحتمل أن يكون حديث عائشة وغيره في السلام على أهل القبور جميعهم إذا دخلها وأشرف عليها، وحديث جابر بن سليم خاص بالسلام على المرور المقصود بالزيارة. والله أعلم.
السادسة : من السنة تسليم الراكب على الماشي، والقائم على القاعد، والقليل على الكثير ؛ هكذا جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة. قال : قال رسول الله ﷺ :"يسلم الراكب " فذكره فبدأ بالراكب لعلو مرتبته ؛ ولأن ذلك أبعد له من الزهو،


الصفحة التالية
Icon