الثانية عشرة : قوله تعالى :﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً﴾ معناه حفيظا. وقيل : كافيا ؛ من قولهم : أحسبني كذا أي كفاني، ومثله حسبك الله. وقال قتادة : محاسبا كما يقال : أكيل بمعنى مواكل. وقيل : هو فعيل من الحساب، وحسنت هذه الصفة هنا ؛ لأن معنى الآية في أن يزيد الإنسان أو ينقص أو يوفي قدر ما يجيء به. روى النسائي عن عمران بن حصين قال : كنا عند النبي ﷺ فجاء رجل فسلم، فقال : السلام عليكم فرد عليه رسول الله ﷺ وقال :"عشر " ثم جلس، ثم جاء آخر فسلم فقال : السلام عليكم ورحمة الله ؛ فرد عليه رسول الله ﷺ وقال :"عشرون " ثم جلس وجاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛ فرد عليه رسول الله ﷺ وقال :"ثلاثون". وقد جاء هذا الخبر مفسرا وهو أن من قال لأخيه المسلم : سلام عليكم كتب له عشر حسنات، فإن قال : السلام عليكم ورحمة الله كتب له عشرون حسنة. فإن قال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كتب له ثلاثون حسنة، وكذلك لمن رد من الأجر. والله أعلم.
٨٧- ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً﴾
قوله تعالى :﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ ابتداء وخبر. واللام في قول ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ﴾ لام القسم ؛ نزلت في الذين شكوا في البعث فأقسم الله تعالى بنفسه. وكل لام بعدها نون مشددة فهو لام القسم. ومعناه في الموت وتحت الأرض ﴿إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ وقال بعضهم :"إلى" صلة في الكلام، معناه ليجمعنكم يوم القيامة. وسميت القيامة قيامة لأن الناس يقومون فيه لرب العالمين جل وعز ؛ قال الله تعالى :﴿أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ. لِيَوْمٍ عَظِيمٍ. يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. وقيل : سمي يوم القيامة لأن الناس يقومون من قبورهم إليها ؛ قال الله تعالى :﴿يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً﴾ وأصل القيامة الواو. ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً﴾ نصب على البيان، والمعنى لا أحد أصدق من الله. وقرأ حمزة