قوله تعالى :﴿سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ﴾ معناها معنى الآية الأولى. قال قتادة : نزلت في قوم من تهامة طلبوا الأمان من النبي ﷺ ليأمنوا عنده وعند قومهم. مجاهد : هي في قوم من أهل مكة. وقال السدي : نزلت في نعيم بن مسعود كان يأمن المسلمين والمشركين. وقال الحسن : هذا في قوم من المنافقين. وقيل : نزلت في أسد وغطفان قدموا المدينة فأسلموا ثم رجعوا إلى ديارهم فأظهروا الكفر.
قوله تعالى :﴿كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا﴾ قرأ يحيى بن وثاب والأعمش "ردوا "بكسر الراء ؛ لأن الأصل "رددوا "فأدغم وقلبت الكسرة على الراء. ﴿إِلَى الْفِتْنَةِ﴾ أي الكفر ﴿أُرْكِسُوا فِيهَا﴾. وقيل : أي ستجدون من يظهر لكم الصلح ليأمنوكم، وإذا سنحت لهم فتنة كان مع أهلها عليكم. ومعنى ﴿أُرْكِسُوا فِيهَا﴾ أي انتكسوا عن عهدهم الذين عاهدوا. وقيل : أي إذا دعوا إلى الشرك رجعوا وعادوا إليه.
٩٢- ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً﴾
فيه عشرون مسألة :
الأولى : قوله تعالى :﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً﴾ هذه آية من أمهات الأحكام. والمعنى ما ينبغي لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ؛ فقوله :"وما كان "ليس على النفي وإنما هو على التحريم والنهي، كقوله :﴿وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ﴾ ولو كانت على النفي لما وجد مؤمن قتل مؤمنا قط ؛ لأن ما نفاه الله فلا يجوز وجوده، كقوله


الصفحة التالية
Icon