العاشرة : ولا خلاف بين العلماء أن الجنين إذا خرج حيا فيه الكفارة مع الدية. واختلفوا في الكفارة إذا خرج ميتا ؛ فقال مالك : فيه الغرة والكفارة. وقال أبو حنيفة والشافعي : فيه الغرة ولا كفارة. واختلفوا في ميراث الغرة عن الجنين ؛ فقال مالك والشافعي وأصحابهما : الغرة في الجنين موروثة عن الجنين على كتاب الله تعالى ؛ لأنها دية. وقال أبو حنيفة وأصحابه : الغرة للأم وحدها ؛ لأنها جناية جنى عليها بقطع عضو من أعضائها وليست بدية. ومن الدليل على ذلك أنه لم يعتبر فيه الذكر والأنثى كما يلزم في الديات، فدل على أن ذلك كالعضو. وكان ابن هرمز يقول : ديته لأبويه خاصة ؛ لأبيه ثلثاها ولأمه ثلثها، من كان منهما حيا كان ذلك له، فإن كان أحدهما قد مات كانت للباقي منهما أبا كان أو أما، ولا يرث الإخوة شيئا.
الحادية عشرة : قوله تعالى :﴿إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا﴾ أصله "أن يتصدقوا "فأدغمت التاء في الصاد. والتصدق الإعطاء ؛ يعني إلا أن يبرئ الأولياء ورثة المقتول القاتلين مما أوجب لهم من الدية عليهم. فهو استثناء ليس من الأول. وقرأ أبو عبدالرحمن ونبيح "إلا أن تصدقوا "بتخفيف الصاد والتاء. وكذلك قرأ أبو عمرو، إلا أنه شدد الصاد. ويجوز على هذه القراءة حذف التاء الثانية، ولا يجوز حذفها على قراءة الياء. وفي حرف أبي وابن مسعود "إلا أن يتصدقوا". وأما الكفارة التي هي لله تعالى فلا تسقط بإبرائهم ؛ لأنه أتلف شخصا في عبادة الله سبحانه، فعليه أن يخلص آخر لعبادة ربه وإنما تسقط الدية التي هي حق لهم. وتجب الكفارة في مال الجاني ولا تتحمل.
الثانية عشرة : قوله تعالى :﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ هذه مسألة المؤمن يقتل في بلاد الكفار أو في حروبهم على أنه من الكفار. والمعنى عند ابن عباس وقتادة والسدي وعكرمة ومجاهد والنخعي : فإن كان هذا المقتول رجلا مؤمنا قد أمن وبقي