إلى : والأرحام" ؛ ثم قال :"تصدق رجل بديناره تصدق رجل بدرهمه تصدق رجل بصاع تمره.." وذكر الحديث. فمعنى هذا على النصب ؛ لأنه حضهم على صلة أرحامهم. وأيضا فقد صح عن النبي ﷺ "من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت". فهذا يرد قول من قال : المعنى أسألك بالله وبالرحم. وقد قال أبو إسحاق : معنى :﴿ تَسَاءَلُونَ بِهِ ﴾ يعني تطلبون حقوقكم به. ولا معنى للخفض أيضا مع هذا.
قلت : هذا ما وقفت عليه من القول. لعلماء اللسان في منع قراءة " والأرحام " بالخفض، واختاره ابن عطية. ورده الإمام أبو نصر عبدالرحيم بن عبدالكريم القشيري، واختار العطف فقال : ومثل هذا الكلام مردود عند أئمة الدين ؛ لأن القراءات التي قرأ بها أئمة القراء ثبتت عن النبي ﷺ تواترا يعرفه أهل الصنعة، وإذا ثبت شيء عن النبي ﷺ فمن رد ذلك فقد رد على النبي ﷺ، واستقبح ما قرأ به، وهذا مقام محذور، ولا يقلد فيه أئمة اللغة والنحو ؛ فإن العربية تتلقى من النبي ﷺ، ولا يشك أحد في فصاحته. وأما ما ذكر من الحديث ففيه نظر ؛ لأنه عليه السلام قال لأبي العشراء :"وأبيك لو طعنت في خاصرته". ثم النهي إنما جاء في الحلف بغير الله، وهذا توسل إلى الغير بحق الرحم فلا نهي فيه. قال القشيري : وقد قيل هذا إقسام بالرحم، أي اتقوا الله وحق الرحم ؛ كما تقول : افعل كذا وحق أبيك. وقد جاء في التنزيل :"والنجم، والطور، والتين، لعمرك" وهذا تكلف.
قلت : لا تكلف فيه فإنه لا يبعد أن يكون "والأرحام" من هذا القبيل، فيكون أقسم بها كما أقسم بمخلوقاته الدالة على وحدانيته وقدرته تأكيدا لها حتى قرنها بنفسه. والله أعلم.