الأول في موضع نصب، ويجوز أن يكون في موضع رفع على البدل ؛ أي ما لهم به من علم إلا اتباع الظن. وأنشد سيبويه :
وبلدة ليس بها أنيس... إلا اليعافير وإلا العيس
قوله تعالى :﴿وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً﴾ قال ابن عباس والسدي : المعنى ما قتلوا ظنهم يقينا ؛ كقولك : قتلته علما إذا علمته علما تاما ؛ فالهاء عائدة على الظن. قال أبو عبيد : ولو كان المعنى وما قتلوا عيسى يقينا لقال : وما قتلوه فقط. وقيل : المعنى وما قتلوا الذي شبه لهم أنه عيسى يقينا ؛ فالوقف على هذا على ﴿ يَقِيناً ﴾. وقيل : المعنى وما قتلوا عيسى، والوقف على ﴿وَمَا قَتَلُوهُ ﴾ و ﴿ يَقِيناً ﴾ نعت لمصدر محذوف، وفيه تقديران : أحدهما : أي قالوا هذا قولا يقينا، أو قال الله هذا قولا يقينا. والقول الآخر : أن يكون المعنى وما علموه علما يقينا. النحاس : إن قدرت المعنى بل رفعه الله إليه يقينا فهو خطأ ؛ لأنه لا يعمل ما بعد "بل" فيما قبلها لضعفها. وأجاز ابن الأنباري الوقف على ﴿ وَمَا قَتَلُوهُ ﴾ على أن ينصب ﴿ يَقِيناً ﴾ بفعل مضمر هو جواب القسم، تقديره : ولقد صدقتم يقينا أي صدقا يقينا. ﴿ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ﴾ ابتداء كلام مستأنف ؛ أي إلى السماء، والله تعالى متعال عن المكان ؛ وقد تقدم كيفية رفعه في "آل عمران". ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً ﴾ أي قويا بالنقمة من اليهود فسلط عليهم بطرس بن استيسانوس الرومي فقتل منهم مقتلة عظيمة. ﴿ حَكِيماً ﴾ حكم عليهم باللعنة والغضب.
١٥٩- ﴿ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ﴾
قوله تعالى :﴿ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ﴾ قال ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة : المعنى ليؤمنن بالمسيح "قبل موته" أي الكتابي ؛ فالهاء الأولى عائدة على عيسى، والثانية على الكتابي ؛ وذلك أنه ليس أحد من أهل الكتاب