النِّسَاءَ } والملامسة هنا الجماع ؛ وقد صح عن عمر وابن مسعود أنهما رجعا إلى ما عليه الناس وأن الجنب يتيمم. وحديث عمران بن حصين نص في ذلك، وهو أن رسول الله ﷺ رأى رجلا معتزلا لم يصل في القوم فقال :"يا فلان ما منعك أن تصلي في القوم" فقال : يا رسول الله أصابتني جنابة ولا ماء. قال :"عليك بالصعيد فإنه يكفيك" أخرجه البخاري.
السابعة والعشرون- قوله تعالى :﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ ﴾ تقدم في ﴿ النِّسَاءَ ﴾ مستوفى، ونزيد هنا مسألة أصولية أغفلناها هناك، وهي تخصيص العموم بالعادة الغالبة، فإن الغائط كناية عن الأحداث الخارجة من المخرجين كما بيناه في ﴿ النِّسَاءَ ﴾ فهو عام، غير أن جل علمائنا خصصوا ذلك بالأحداث المعتادة الخارجة على الوجه المعتاد، فلو خرج غير المعتاد كالحصى والدود، أو خرج المعتاد على وجه السل والمرض لم يكن شيء من ذلك ناقضا. وإنما صاروا إلى اللفظ ؛ لأن اللفظ مهما تقرر لمدلوله عرف غالب في الاستعمال، سبق ذلك الغالب لفهم السامع حالة الإطلاق، وصار غيره مما وضع له اللفظ بعيدا عن الذهن، فصار غير مدلول له، وصار الحال فيه كالحال في الدابة ؛ فإنها إذا أطلقت سبق منها الذهن إلى ذوات الأربع، ولم تخطر النملة ببال السامع فصارت غير مرادة ولا مدلولة لذلك اللفظ ظاهرا. والمخالف يقول : لا يلزم من أسبقية الغالب أن يكون النادر غير مراد ؛ فإن تناول اللفظ لهما واحد وضعا، وذلك يدل على شعور المتكلم بهما قصدا ؛ والأول أصح، وتتمته في كتب الأصول.
الثامنة والعشرون- قوله تعالى :﴿ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ ﴾ روي عبيدة عن عبدالله بن مسعود أنه قال : القبلة من اللمس، وكل ما دون الجماع لمس ؛ وكذلك قال ابن عمر واختاره محمد بن يزيد قال : لأن قد ذكر في أول الآية ما يجب على من جامع في قوله :﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ﴾. وقال عبدالله بن عباس : اللمس والمس والغشيان الجماع، ولكنه عز وجل يكني. وقال


الصفحة التالية
Icon