أو تيمم وصلى. وعن الشافعي روايتان ؛ المشهور عنه يصلي كما هو ويعيد ؛ قال المزني : إذا كان محبوسا لا يقدر على تراب نظيف صلى وأعاد ؛ وهو قول أبي يوسف ومحمد والثوري والطبري. وقال زفر بن الهذيل : المحبوس في الحضر لا يصلي وإن وجد ترابا نظيفا. وهذا على أصله فإنه لا يتيمم عنده في الحضر كما تقدم. وقال أبو عمر : من قال يصلي كما هو ويعيد إذا قدر على الطهارة فإنهم احتاطوا للصلاة بغير طهور ؛ قالوا : وقوله عليه السلام :"لا يقبل الله صلاة بغير طهور" لمن قدر على طهور ؛ فأما من لم يقدر فليس كذلك ؛ لأن الوقت فرض وهو قادر عليه فيصلي كما قدر في الوقت ثم يعيد، فيكون قد أخذ بالاحتياط في الوقت والطهارة جميعا. وذهب الذين قالوا لا يصلي لظاهر هذا الحديث ؛ وهو قول مالك وابن نافع وأصبغ قالوا : من عدم الماء والصعيد لم يصل ولم يقض إن خرج وقت الصلاة ؛ لأن عدم قبولها لعدم شروطها يدل على أنه غير مخاطب بها حالة عدم شروطها فلا يترتب شيء في الذمة فلا يقضي ؛ قاله غير أبي عمر، وعلى هذا تكون الطهارة من شروط الوجوب.
الموفية ثلاثين- قوله تعالى :﴿ فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ﴾ قد مضى في ﴿ النساء ﴾ اختلافهم في الصعيد، وحديث عمران بن حصين نص على ما يقول مالك، إذ لو كان الصعيد التراب لقال عليه السلام للرجل عليك بالتراب فإنه يكفيك، فلما قال :"عليك بالصعيد" أحال على وجه الأرض. والله أعلم. ﴿ فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ﴾ تقدم في ﴿ النساء ﴾ الكلام فيه فتأمله هناك.
الحادية والثلاثون- وإذا انتهى القول بنا في الآي إلى هنا فاعلم أن العلماء تكلموا في فضل الوضوء والطهارة وهي خاتمة الباب : قال ﷺ :"الطهور شطر الإيمان" أخرجه مسلم من حديث أبي مالك الأشعري، وقد تقدم في ﴿البقرة﴾ الكلام فيه ؛ قال ابن العربي : والوضوء أصل في الدين، وطهارة المسلمين، وخصوصا لهذه الأمة في العالمين. وقد روي أن النبي ﷺ توضأ وقال :"هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي


الصفحة التالية
Icon