فالتأكيد بعلامة موضوعة كالتأكيد بالتكرير. ﴿ لَعَنَّاهُمْ ﴾ قال ابن عباس : عذبناهم بالجزية. وقال الحسن ومقاتل : بالمسخ. عطاء : أبعدناهم ؛ واللعن الإبعاد والطرد من الرحمة. ﴿ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ﴾ أي صلبة لا تعي خيرا ولا تفعله ؛ والقاسية والعاتية بمعنى واحد. وقرأ الكسائي وحمزة :﴿ قَسِيَّة ﴾ بتشديد الياء من غير ألف ؛ وهي قراءة ابن مسعود والنخعي ويحيى بن وثاب. والعام القسي الشديد الذي لا مطر فيه. وقيل : هو من الدراهم القسيات أي الفاسدة الرديئة ؛ فمعنى ﴿ قَسِيَّة ﴾ على هذا ليست بخالصة الإيمان، أي فيها نفاق. قال النحاس : وهذا قول حسن ؛ لأنه يقال : درهم قسي إذا كان مغشوشا بنحاس أو غيره. يقال : درهم قسي "مخفف السين مشدد الياء" مثال شقي أي زائف ؛ ذكر ذلك أبو عبيد وأنشد :
لها صواهل في صم السلام كما | صاح القسيات في أيدي الصياريف |
قد قسوت وقست لداتي
قوله تعالى :﴿ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ﴾ أي يتأولونه على غير تأويله، ويلقون ذلك إلى العوام. وقيل : معناه يبدلون حروفه ﴿ يُحَرِّفُونَ ﴾ في موضع نصب، أي جعلنا قلوبهم قاسية محرفين.