عِنْدَ اللَّهِ الأِسْلامُ } ﴿ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ أي من ظلمات الكفر والجهالات إلى نور الإسلام والهدايات. ﴿ بِإِذْنِهِ ﴾ أي بتوفيق وإرادته.
١٧- ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
قوله تعالى :﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ﴾ تقدم في آخر ﴿ النِّسَاءَ ﴾ بيانه والقول فيه. وكفر النصارى في دلالة هذا الكلام إنما كان بقولهم : إن الله هو المسيح ابن مريم على جهة الدينونة به ؛ لأنهم لو قالوه على جهة الحكاية منكرين له لم يكفروا. ﴿ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ﴾ أي من أمر الله. و ﴿ يَمْلِكُ ﴾ بمعنى يقدر ؛ من قولهم ملكت على فلان أمره أي اقتدرت عليه. أي فمن يقدر أن يمنع من ذلك شيئا ؟ فأعلم الله تعالى أن المسيح لو كان إلها لقدر على دفع ما ينزل به أو بغيره، وقد أمات أمه ولم يتمكن من دفع الموت عنها ؛ فلو أهلكه هو أيضا فمن يدفعه عن ذلك أو يرده. ﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ﴾ والمسيح وأمه بينهما مخلوقان محدودان محصوران، وما أحاط به الحد والنهاية لا يصلح للإلهية. وقال ﴿ وَمَا بَيْنَهُمَا ﴾ ولم يقل وما بينهن ؛ لأنه أراد النوعين والصنفين كما قال الراعي :

طرقا فتلك هماهمي أقربهما قلصا لواقح كالقصي وحولا
فقال :"طرقا" ثم قال :"فتلك هماهمي" ﴿ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ﴾ عيسى من أم بلا أب آية لعباده.


الصفحة التالية
Icon