أي وأخشى الذئب. وفي حرف أبي ﴿ وَرُسُلٌ﴾ بالرفع على تقدير ومنهم رسل. ثم قيل : إن الله تعالى لما قص في كتابه بعض أسماء أنبيائه، ولم يذكر أسماء بعض، ولمن ذكر فضل على من لم يذكر. قالت اليهود : ذكر محمد الأنبياء ولم يذكر موسى ؛ فنزلت ﴿ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً ﴾ ﴿ تَكْلِيماً ﴾ مصدر معناه التأكيد ؛ يدل على بطلان من يقول : خلق لنفسه كلاما في شجرة فسمعه موسى، بل هو الكلام الحقيقي الذي يكون به المتكلم متكلما. قال النحاس : وأجمع النحويون على أنك إذا أكدت الفعل بالمصدر لم يكن مجازا، وأنه لا يجوز في قول الشاعر :
امتلأ الحوض وقال قطني
أن يقول : قال قولا ؛ فكذا لما قال :﴿ تَكْلِيماً ﴾ وجب أن يكون كلاما على الحقيقة من الكلام الذي يعقل. وقال وهب بن منبه : إن موسى عليه السلام قال :"يا رب بم اتخذتني كليما" ؟ طلب العمل الذي أسعده الله به ليكثر منه ؛ فقال الله تعالى له : أتذكر إذ ند من غنمك جدي فأتبعته أكثر النهار وأتعبك، ثم أخذته وقبلته وضممته إلى صدرك وقلت له : أتعبتني وأتعبت نفسك، ولم تغضب عليه ؛ من أجل ذلك اتخذتك كليما.
١٦٥- ﴿ رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً ﴾
قوله تعالى :﴿ رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ﴾ هو نصب على البدل من ﴿ وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ ﴾ ويجوز أن يكون على إضمار فعل ؛ ويجوز نصبه على الحال ؛ أي كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده رسلا. ﴿ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾ فيقولوا ما أرسلت إلينا رسولا، وما أنزلت علينا كتابا ؛ وفي التنزيل :﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾، وقوله تعالى :﴿وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ ﴾ وفي هذا كله دليل واضح أنه لا يجب شيء من ناحية العقل. وروي عن كعب الأحبار أنه قال : كان الأنبياء ألفي ألف ومائتي ألف. وقال مقاتل : كان الأنبياء