قوله تعالى :﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ أي فإن أبوا حكمك وأعرضوا عنه ﴿فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ﴾ أي يعذبهم بالجلاء والجزية والقتل، وكذلك كان. وإنما قال :" بِبَعْضٍ" لأن المجازاة بالبعض كانت كافية في التدمير عليهم. ﴿وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ﴾ يعني اليهود.
٥٠- ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾
فيه ثلاث مسائل :
الأولى- قوله تعالى :﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ﴾ ﴿أَفَحُكْمَ﴾ نصب بـ ﴿يَبْغُونَ﴾ والمعنى : أن الجاهلية كانوا يجعلون حكم الشريف خلاف حكم الوضيع ؛ كما تقم في غير موضع، وكانت اليهود تقيم الحدود على الضعفاء الفقراء، ولا يقيمونها على الأقوياء الأغنياء ؛ فضارعوا الجاهلية في هذا الفعل
الثانية- روى سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن طاوس قال : كان إذا سألوه عن الرجل يفضل بعض ولده على بعض يقرأ هذه الآية ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ﴾ فكان طاوس يقول : ليس لأحد أن يفضل بعض ولده على بعض، فإن فعل لم ينفذ وفسخ ؛ وبه قال أهل الظاهر. وروي عن أحمد بن حنبل مثله، وكرهه الثوري وابن المبارك وإسحاق ؛ فإن فعل ذلك أحد نفذ ولم يرد، وأجاز ذلك مالك والثوري والليث والشافعي وأصحاب الرأي ؛ واستدلوا بفعل الصديق في نحله عائشة دون سائر ولده، وبقوله عليه السلام :"فارجعه" وقوله :"فأشهد على هذا غيري" واحتج الأولون بقوله عليه السلام لبشير :"ألك ولد سوى هذا" قال نعم، فقال :"أكلهم وهبت له مثل هذا" فقال لا،


الصفحة التالية
Icon