يعني دول الدهر دائرة من قوم إلى قوم، واختلف في معنى الفتح ؛ فقيل : الفتح الفصل والحكم ؛ عن قتادة وغيره. قال ابن عباس : أتى الله بالفتح فقتلت مقاتلة بني قريظة وسبيت ذراريهم وأجلي بنو النضير. وقال أبو علي : هو فتح بلاد المشركين على المسلمين. وقال السدي : يعني بالفتح فتح مكة. ﴿أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ﴾ قال السدي : هو الجزية. الحسن : إظهار أمر المنافقين المنافقين والإخبار بأسمائهم والأمر بقتلهم. وقيل : الخصب والسعة للمسلمين. ﴿فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾ أي فيصبحوا نادمين على توليهم الكفار إذ رأوا نصر الله للمؤمنين، وإذا عاينوا عند الموت فبشروا بالعذاب.
قوله تعالى :﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ وقرأ أهل المدينة وأهل الشام :﴿يَقُولُ﴾ بغير واو. وقرأ أبو عمرو وابن أبي إسحاق :﴿وَيَقُولَ﴾ بالواو والنصب عطفا على ﴿أَنْ يَأْتِيَ﴾ عند أكثر النحويين، التقدير : فعسى الله أن يأتي بالفتح وأن يقول. وقيل : هو عطف على المعنى ؛ لأن معنى ﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ﴾ وعسى أن يأتي الله بالفتح ؛ إذ لا يجوز عسى زيد أن يأتي ويقوم عمرو ؛ لأنه لا يصح المعنى إذا قلت وعسى زيد أن يقوم عمرو، ولكن لو قلت : عسى أن يقوم زيد ويأتي عمرو كان جيدا. فإذا قدرت التقديم في أن يأتي إلى جنب عسى حسن ؛ لأنه يصير التقدير : عسى أن يأتي وعسى أن يقوم، ويكون من باب قوله :
ورأيت زوجك في الوغى... متقلدا سيفا ورمحا
وفيه قول ثالث : وهو أن تعطفه على الفتح ؛ كما قال الشاعر :
للبس عباءة وتقر عيني
ويجوز أن يجعل ﴿أَنْ يَأْتِيَ﴾ بدلا من اسم الله جل ذكره ؛ فيصير التقدير : عسى أن يأتي الله ويقول الذين آمنوا. وقرأ الكوفيون ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بالرفع على القطع من الأول. ﴿أَهَؤُلاءِ﴾ إشارة إلى المنافقين. ﴿أَقْسَمُوا بِاللَّهِ﴾ حلفوا واجتهدوا في الإيمان. ﴿إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ﴾