عليه. وقيل : المعنى لا تتخذوا المشركين والمنافقين أولياء ؛ بدليل قولهم :﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ والمشركون كل كفار، لكن يطلق في الغالب لفظ الكفار على المشركين ؛ فلهذا فصل ذكر أهل الكتاب من الكافرين.
الثانية- قال ابن خويز منداد : هذه الآية مثل قوله تعالى :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ و ﴿لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ﴾ تضمنت المنع من التأييد والانتصار بالمشركين ونحو ذلك. وروى جابر : أن النبي ﷺ لما أراد الخروج إلى أحد جاءه قوم من اليهود فقالوا : نسير معك ؛ فقال عليه الصلاة والسلام :"إنا لا نستعين على أمرنا بالمشركين" وهذا هو الصحيح من مذهب الشافعي. وأبو حنيفة جوّز الانتصار بهم على المشركين للمسلمين ؛ وكتاب الله تعالى يدل على خلاف ما قالوه مع ما جاء من السنة ذلك. والله أعلم.
٥٨- ﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ﴾
فيه اثنتا عشرة مسألة :
الأولى- قال الكلبي : كان إذا أذن المؤذن وقام المسلمون إلى الصلاة قالت اليهود : قد قاموا لا قاموا ؛ وكانوا يضحكون إذا ركع المسلمون وسجدوا وقالوا في حق الأذان : لقد ابتدعت شيئا لم نسمع به فيما مضى من الأمم، فمن أين لك صياح مثل صياح العير ؟ فما أقبحه من صوت، وما أسمجه من أمر. وقيل : إنهم كانوا إذا أذن المؤذن للصلاة تضاحكوا فيما بينهم وتغامزوا على طريق السخف والمجون ؛ تجهيلا، وتنفيرا للناس عنها وعن الداعي إليها. وقيل : إنهم كانوا يرون المنادي إلي بمنزلة اللاعب الهازئ بفعلها، جهلا منهم بمنزلتها ؛ فنزلت هذه الآية، ونزل قوله سبحانه :﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً﴾ والنداء الدعاء برفع الصوت، وفد يضم مثل الدعاء والرغاء. وناداه مناداة ونداء أي صاح به. وتنادوا أي نادى