وأمر به مؤذنيه، بالمدينة بلالا، وبمكة أبا محذورة ؛ فهو محفوظ معروف في تأذين بلال، وأذان أبي محذورة في صلاة الصبح للنبي ﷺ ؛ مشهور عند العلماء. روى وكيع عن سفيان عن عمران بن مسلم عن سويد بن غفلة أنه أرسل إلى مؤذنه إذا بلغت "حي على الفلاح" فقل : الصلاة خير من النوم ؛ فإنه أذان بلال ؛ ومعلوم أن بلالا لم يؤذن قط لعمر، ولا سمعه بعد رسول الله ﷺ إلا مرة بالشام إذ دخلها.
السادسة- وأجمع أهل العلم على أن من السنة ألا يؤذن للصلاة إلا بعد دخول وقتها إلا الفجر، فإنه يؤذن لها قبل طلوع الفجر في قول مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور ؛ وحجتهم قول رسول الله ﷺ :"إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم". وقال أبو حنيفة والثوري ومحمد بن الحسن : لا يؤذن لصلاة الصبح حتى يدخل وقتها لقول رسول الله صلى الله علي وسلم لمالك بن الحويرث وصاحبه :"إذا حضرت الصلاة فأذنا ثم أقيما وليؤمكما أكبركما" وقياسا على سائر الصلوات. وقالت طائفة من أهل الحديث : إذا كان للمسجد مؤذنان أذن أحدهما قيل طلوع الفجر، والآخر بعد طلوع الفجر.
السابعة- واختلفوا في المؤذن يؤذن ويقيم غيره ؛ فذهب مالك وأبو حنيفة وأصحابهم إلى أنه لا بأس بذلك ؛ لحديث محمد بن عبدالله بن زيد عن أبيه أن رسول الله ﷺ أمره إذ رأى النداء في النوم أن يلقيه على بلال ؛ ثم أمر عبدالله بن زيد فأقام. وقال الثوري والليث والشافعي : من أذن فهو يقيم ؛ لحديث عبدالرحمن بن زياد بن أنعم عن زياد بن نعيم عن زباد بن الحرث الصدائي قال : أتيت رسول الله ﷺ فلما كان أول الصبح أمرني فأذنت، ثم قام إلى الصلاة فجاء بلال ليقيم. فقال رسول الله ﷺ :"إن أخا صداء أذن ومن أذن فهو يقيم". قال أبو عمر :


الصفحة التالية
Icon