مستثنى من الإباحة ؛ وهذا وجه ساقط ؛ فإذا معناه أحلت لكم بهيمة الأنعام غير محلي الصيد وأنتم حرم إلا ما يتلى عليكم سوى الصيد. ويجوز أن يكون معناه أيضا أوفوا بالعقود غير محلي الصيد وأحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم. وأجاز الفراء أن يكون ﴿ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ﴾ في موضع رفع على البدل على أن يعطف بإلا كما يعطف بلا ؛ ولا يجيزه البصريون إلا في النكرة أو ما قاربها من أسماء الأجناس نحو جاء القوم إلا زيد. والنصب عنده بأن ﴿ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ ﴾ نصب على الحال مما في ﴿أوفوا﴾ ؛ قال الأخفش : يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود غير محلي الصيد. وقال غيره : حال من الكاف والميم في ﴿ لَكُمُ ﴾ والتقدير : أحلت لكم بهيمة الأنعام غير محلي الصيد. ثم قيل : يجوز أن يرجع الإحلال إلى الناس، أي لا تحلوا الصيد في حال الإحرام، ويجوز أن يرجع إلى الله تعالى أي أحللت لكم البهيمة إلا ما كان صيدا في وقت الإحرام ؛ كما تقول : أحللت لك كذا غير مبيح لك يوم الجمعة. فإذا قلت يرجع إلى الناس فالمعنى : غير محلين الصيد، فحذفت النون تخفيفا.
السادسة- قوله تعالى :﴿ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ﴾ يعني الإحرام بالحج والعمرة ؛ يقال : رجل حرام وقوم حرم إذا أحرموا بالحج ؛ ومنه قول الشاعر :

فقلت لها فيئي إليك فإنني حرام و إني بعد ذلك لبيب
أي ملب، وسمي ذلك إحراما لما يحرمه من دخل فيه على نفسه من النساء والطيب وغيرهما. ويقال : أحرم دخل في الحرم ؛ فيحرم صيد الحرم أيضا. وقرأ الحسن وإبراهيم ويحيى بن وثاب ﴿ حُرُمٌ ﴾ بسكون الراء ؛ وهي لغة تميمية يقولون في رسل : رسل وفي كتب كتب ونحوه.
السابعة- قوله تعالى :﴿ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ﴾ تقوية لهذه الأحكام الشرعية المخالفة لمعهود أحكام العرب ؛ أي فأنت يا محمد السامع لنسخ تلك التي عهدت من أحكامهم تنبه، فإن الذي هو مالك الكل ﴿ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ﴾ ﴿ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ﴾ يشرع ما يشاء كما يشاء.


الصفحة التالية
Icon