بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ}. وقال أهل البصرة أخبر عنهم بقوله ﴿أَلَمْ يَرَوْا﴾ وفيهم محمد عليه السلام وأصحابه ؛ ثم خاطبهم معهم ؛ والعرب تقول : قلت لعبدالله ما أكرمه : وقلت لعبدالله ما أكرمك ؛ ولو جاء على ما تقدم من الغيبة لقال : ما لم نمكن لهم. ويجوز مكنه ومكن له ؛ فجاء باللغتين جميعا ؛ أي أعطيناهم ما لم نعطكم من الدنيا. ﴿وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً﴾ يريد المطر الكثير ؛ عبر عنه بالسماء لأنه من السماء ينزل ؛ ومنه قوله الشاعر :
إذا سقط السماء بأرض قوم
و ﴿مِدْرَاراً﴾ بناء دال على التكثير ؛ كمذكار للمرأة التي كثرت ولادتها للذكور ؛ ومئناث للمرأة التي تلد الإناث ؛ يقال : در اللبن يدر إذا أقبل على الحالب بكثرة. وانتصب ﴿مِدْرَاراً﴾ على الحال. ﴿وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ﴾ أي من تحت أشجارهم ومنازلهم ؛ ومنه قوله فرعون :﴿وهذه الأنهار تجري من تحتي﴾ والمعنى : وسعنا عليهم النعم فكفروها. ﴿فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ﴾ أي بكفرهم فالذنوب سبب الانتقام وزوال النعم. ﴿وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ﴾ أي أوجدنا ؛ فليحذر هؤلاء من الإهلاك أيضا.
٧- ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ﴾
قوله تعالى :﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ﴾ الآية. المعنى : ولو نزلنا يا محمد بمرأى منهم كما زعموا وطلبوا كلاما مكتوبا ﴿فِي قِرْطَاسٍ﴾ وعن ابن عباس : كتابا معلقا بين السماء والأرض وهذا يبين لك أن التنزيل على وجهين ؛ أحدهما : على معنى نزله عليك الكتاب بمعنى نزول الملك به. والآخر : ولو نزلنا كتابا في قرطاس من يمسكه الله بين السماء والأرض ؛


الصفحة التالية
Icon