قوله تعالى :﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾ القهر الغلبة، والقاهر الغالب، وأقهر الرجل إذا صير بحال المقهور الذليل ؛ قال الشاعر :
تمنى حصين أن يسود جذاعه | فأمسى حصين قد أذل وأقهرا |
قوله تعالى :﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً﴾ وذلك أن المشركين قالوا للنبي ﷺ : من يشهد لك بأنك رسول الله فنزلت الآية ؛ عن الحسن وغيره. ولفظ ﴿شَيْءٍ﴾ هنا واقع موقع اسم الله تعالى ؛ المعنى الله أكبر شهادة أي انفراده بالربوبية، وقيام البراهين على توحيده أكبر شهادة وأعظم ؛ فهو شهيد بيني وبينكم على أني قد بلغتكم وصدقت فيما قلته وادعيته من الرسالة.
قوله تعالى :﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ﴾ أي والقرآن شاهد بنبوتي. ﴿لأُنْذِرَكُمْ بِهِ﴾ يا أهل مكة. ﴿وَمَنْ بَلَغَ﴾ أي ومن بلغه القرآن. فحذف ﴿الهاء﴾ لطول الكلام. وقيل : ومن بلغ الحلم. ودل بهذا على أن من لم يبلغ الحلم ليس بمخاطب ولا متعبد. وتبليغ القرآن والسنة مأمور بهما، كما أمر النبي ﷺ بتبليغهما ؛ فقال :﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾. وفي صحيح البخاري عن عبدالله بن عمرو عن النبي ﷺ :"بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار". وفي الخبر أيضا ؛ من بلغته آية من كتاب الله فقد بلغه أمر الله أخذ به أو تركه. وقال مقاتل : من بلغه القرآن من الجن والإنس فهو نذير له. وقال القرظي : من بلغه القرآن فكأنما قد رأى محمدا ﷺ وسمع منه. وقرأ أبو نهيك :﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ﴾ مسمى الفاعل ؛ وهو معنى قراءة الجماعة. ﴿أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى﴾ استفهام توبيخ