وألا يكذبوا وأن يكونوا من المؤمنين. واختار سيبويه القطع في ﴿وَلا نُكَذِّبَ﴾ فيكون غير داخل في التمني ؛ المعنى : ونحن لا نكذب على معنى الثبات على ترك التكذيب ؛ أي لا نكذب رددنا أو لم نرد ؛ قال سيبويه : وهو مثل قوله دعني ولا أعود أي لا أعود على كل حال تركتني أو لم تتركني. واستدل أبو عمرو على خروجه من التمني بقوله :﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ لأن الكذب لا يكون في التمني إنما يكون في الخبر. وقال من جعله داخلا في التمني : المعنى وإنهم لكاذبون في الدنيا في إنكارهم البعث وتكذيبهم الرسل. وقرأ حمزة وحفص بنصب ﴿نكذب﴾ و﴿نَكُونَ﴾ جوابا للتمني ؛ لأنه غير واجب، وهما داخلان في التمني على معنى أنهم تمنوا الرد وترك التكذيب والكون مع المؤمنين. قال أبو إسحاق : معنى ﴿وَلا نُكَذِّبَ﴾ أي إن رددنا لم نكذب. والنصب في ﴿الكذب﴾ و﴿نَكُونَ﴾ بإضمار ﴿أَنَّ﴾ كما ينصب في جواب الاستفهام والأمر والنهي والعرض ؛ لأن جميعه غير واجب ولا واقع بعد، فينصب، الجواب مع الواو كأنه عطف على مصدر الأول ؛ كأنهم قالوا : يا ليتنا يكون لنا رد وانتفاء من الكذب، وكون من المؤمنين ؛ فحملا على مصدر ﴿نرد﴾ لانقلاب المعنى إلى الرفع، ولم يكن بد من إضمار ﴿أَنَّ﴾ فيه يتم النصب في الفعلين. وقرأ ابن عامر ﴿نَكُونَ﴾ بالنصب على جواب التمني كقولك : ليتك تصير إلينا ونكرمك، أي ليت مصيرك يقع وإكرامنا يقع، وأدخل الفعلين الأولين في التمني، أو أراد : ونحن لا نكرمك على القطع على ما تقدم ؛ يحتمل. وقرأ أبي ﴿وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا أَبَداً﴾. وعنه وابن مسعود ﴿يا ليتنا نرد فلا نكذب بآيات ربنا أبداً﴾ بالفاء والنصب، والفاء ينصب بها في الجواب كما ينصب بالواو ؛ عن الزجاج. وأكثر البصريين لا يجيزون الجواب إلا بالفاء.
٢٨- ﴿بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾


الصفحة التالية
Icon