فيه مسألتان :
الأولى- قوله تعالى :﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ أي لقصر مدتها كما قال :
ألا إنما الدنيا كأحلام نائم | وما خير عيش لا يكون بدائم |
تأمل إذا ما نلت بالأمس لذة | فأفنيتها هل أنت إلا كحالم |
وقال آخر :فاعمل على مهل فإنك ميت | واكدح لنفسك أيها الإنسان |
فكأن ما قد كان لم يك إذ مضى | وكأن ما هو كائن قد كانا |
وقيل : المعنى متاع الحياة الدنيا لعب ولهو ؛ أي الذي يشتهوه في الدنيا لا عاقبة له، فهو بمنزلة اللعب واللهو. ونظر سليمان بن عبدالله في المرآة فقال : أنا الملك الشاب ؛ فقالت له جارية له :
أنت نعم المتاع لو كنت تبقى | غير أن لا بقاء للإنسان |
ليس فيما بدا لنا منك عيب | كان في الناس غير أنك فاني |
وقيل : معنى
﴿لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ باطل وغرور، كما قال :
﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ فالمقصد بالآية تكذيب الكفار في قولهم :
﴿إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا﴾ واللعب معروف، والتلعابة الكثير اللعب، والملعب مكان اللعب ؛ يقال : لعب يلعب. واللهو أيضا معروف، وكل ما شغلك فقد ألهاك، ولهوت من اللهو، وقيل : أصله الصرف عن الشيء ؛ من قولهم : لهيت عنه ؛ قال المهدوي : وفيه بعد ؛ لأن الذي معناه الصرف لامه ياء بدليل قولهم : لهيان، ولام الأول واو.
الثانية- ليس من اللهو واللعب ما كان من أمور الآخرة، فإن حقيقة اللعب ما لا ينتفع به واللهو ما يلتهى به، وما كان مرادا للآخرة خارج عنهما ؛ وذم رجل الدنيا عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال علي : الدنيا دار صدق لمن صدقها، ودار نجاة لمن فهم عنها، ودار غنى لمن تزود منها. وقال محمود الوراق :