﴿تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ﴾ ﴿وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ﴾. فأتت الآخرة صفة للدار فيهما ﴿لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ أي الشرك. ﴿أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾ قرئ بالياء والتاء ؛ أي أفلا يعقلون أن الأمر هكذا فيزهدوا في الدنيا. والله أعلم.
٣٣- ﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴾
٣٤- ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ﴾
قوله تعالى :﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ﴾ كسرت ﴿إِنَّ﴾ لدخول اللام. قال أبو ميسرة : إن رسول الله ﷺ مر بأبي جهل وأصحابه فقالوا : يا محمد والله ما نكذبك وإنك عندنا لصادق، ولكن نكذب ما جئت به ؛ فنزلت هذه الآية ﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ ثم آنسه بقوله :﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ﴾ الآية. وقرئ ﴿يُكَذِّبُونَكَ﴾ مخففا ومشددا ؛ وقيل : هما بمعنى واحد كحزنته وأحزنته ؛ واختار أبو عبيد قراءة التخفيف، وهي قراءة علي رضي الله عنه ؛ وروي عنه أن أبا جهل قال للنبي ﷺ : إنا لا نكذبك ولكن نكذب ما جئت به ؛ فأنزل الله عز وجل ﴿فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ﴾
قال النحاس : وقد خولف أبو عبيد في هذا. وروي : لا نكذبك. فأنزل الله عز وجل :﴿لا يُكَذِّبُونَكَ﴾. ويقوي هذا أن رجلا قرأ على ابن عباس ﴿فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ﴾ مخففا فقال له ابن عباس :﴿فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ﴾ لأنهم كانوا يسمون النبي ﷺ الأمين. ومعنى ﴿يُكَذِّبُونَكَ﴾ عند أهل اللغة ينسبونك إلى الكذب، ويردون عليك ما قلت. ومعنى ﴿لا يُكَذِّبُونَكَ﴾ أي لا يجدونك تأتي بالكذب ؛ كما تقول : أكذبته وجدته كذابا ؛ وأبخلته وجدته بخيلا، أي لا يجدونك كذابا إن تدبروا ما جئت به. ويجوز أن يكون المعنى : لا يثبتون عليك أنك كاذب ؛ لأنه يقال : أكذبته