يا صاح هل تعرف رسما مكرسا قال نعم أعرفه وأبلسا
أي تحير لهول ما رأى، ومن ذلك اشتق اسم إبليس ؛ أبلس الرجل سكت، وأبلست الناقة وهي مبلاس إذا لم ترغ من شدة الضبعة ؛ ضبعت الناق تضبع ضبعة وضبعا إذا أرادت الفحل.
قوله تعالى :﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ الدابر الآخر ؛ يقال : دبر القوم يدبرهم دبرا إذا كان آخرهم في المجيء. وفي الحديث عن عبدالله بن مسعود "من الناس من لا يأتي الصلاة إلا دبريا" أي في آخر الوقت ؛ والمعنى هنا قطع خلفهم من نسلهم وغيرهم فلم تبق لهم باقية. قال قطرب : يعني أنهم استؤصلوا وأهلكوا. قال أمية بن أبي الصلت :
فأهلكوا بعذاب حص دابرهم فما استطاعوا له صرفا ولا انتصروا
ومنه التدبير لأنه إحكام عواقب الأمور.
قوله تعالى :﴿وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ قيل : على إهلاكهم وقيل : تعليم للمؤمنين كيف يحمدونه. وتضمنت هذه الآية الحجة على وجوب ترك الظلم ؛ لما يعقب من قطع الدابر، إلى العذاب الدائم، مع استحقاق القاطع الحمد من كل حامد.
٤٦- قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآياتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ}
قوله تعالى :﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ﴾ أي أذهب وانتزع. ووحد ﴿سَمْعَكُمْ﴾ لأنه مصدر يدل على الجمع. ﴿وَخَتَمَ﴾ أي طبع. وقد تقدم في ﴿البقرة﴾


الصفحة التالية
Icon