ستة نفر، فقال المشركون للنبي ﷺ : اطرد هؤلاء عنك لا يجترئون علينا ؛ قال : وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان لست أسميهما، فوقع في نفس رسول الله ﷺ ما شاء الله أن يقع، فحدث نفسه، فأنزل الله عز وجل ﴿وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾. قيل : المراد بالدعاء المحافظة على الصلاة المكتوبة في الجماعة ؛ قاله ابن عباس ومجاهد والحسن. وقيل : الذكر وقراءة القرآن. ويحتمل أن يريد الدعاء في أول النهار وآخره ؛ ليستفتحوا يومهم بالدعاء رغبة في التوفيق. ويختموه بالدعاء طلبا للمغفرة. ﴿يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ أي طاعته، والإخلاص فيها، أي يخلصون في عبادتهم وأعمالهم لله، ويتوجهون بذلك إليه لا لغيره. وقيل : يريدون الله الموصوف بأن له الوجه كما قال :﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالأِكْرَامِ﴾ وهو كقوله :﴿وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ﴾ وخص الغداة والعشي بالذكر ؛ لأن الشغل غالب فيهما على الناس، ومن كان في وقت الشغل مقبلا على العبادة كان في وقت الفراغ من الشغل أعمل. وكان رسول الله ﷺ بعد ذلك يصبر نفسه معهم كما أمره الله في قوله :﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ﴾ فكان لا يقوم حتى يكونوا هم الذين يبتدئون القيام، وقد أخرج هذا المعنى مبينا مكملا ابن ماجة في سننه عن خباب في قول الله عز وجل :﴿وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾ إلى قوله :﴿فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ قال : جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري فوجدا رسول الله ﷺ مع صهيب وبلال وعمار وخباب، قاعدا في ناس من الضعفاء من المؤمنين ؛ فلما رأوهم حول النبي ﷺ حقروهم ؛ فأتوه فخلوا به وقالوا : إنا نريد أن تجعل لنا منك مجلسا تعرف لنا به العرب فضلنا، فإن وفود العرب تأتيك فنستحي أن ترانا العرب مع هذه الأعبد، فإذا نحن جئناك فأقمهم عنك، فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت ؛ قال :"نعم" قالوا : فاكتب لنا عليك كتابا ؛ قال : فدعا بصحيفة ودعا عليا - رضي الله عنه - ليكتب ونحن قعود في ناحية ؛ فنزل جبريل عليه السلام فقال :