وما عوض لنا منهاج جهم | بمنهاج ابن آمنة الأمين |
فأما ما علمت فقد كفاني | وأما ما جهلت فجنبوني |
قوله تعالى :
﴿مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ﴾ أي العذاب ؛ فإنهم كانوا لفرط تكذيبهم يستعجلون نزوله استهزاء نحو قولهم :
﴿أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً﴾ ﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ﴾. وقيل : ما عندي من الآيات التي تقترحونها.
﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ﴾ أي ما الحكم إلا لله في تأخير العذاب وتعجيله. وقيل : الحكم الفاصل بين الحق والباطل لله.
﴿يَقُصُّ الْحَقَّ﴾ أي يقص القصص الحق ؛ وبه استدل من منع المجاز في القرآن، وهي قراءة نافع وابن كثير وعاصم ومجاهد والأعرج وابن عباس ؛ قال ابن عباس : قال الله عز وجل :
﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾ والباقون
﴿يَقْضِ الحقَّ﴾ بالضاد المعجمة، وكذلك قرأ علي - رضي الله عنه - وأبو عبدالرحمن السلمي وسعيد بن المسيب، وهو مكتوب في المصحف بغير ياء، ولا ينبغي الوقف عليه، وهو من القضاء ؛ ودل على ذلك أن بعده
﴿وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ﴾ والفصل لا يكون إلا قضاء دون قصص، ويقوي ذلك قوله قبله :
﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ﴾ ويقوي ذلك أيضا قراءة ابن مسعود
﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ يَقُضُي الْحَقَّ ﴾ فدخول الباء يؤكد معنى القضاء. قال النحاس : هذا لا يلزم ؛ لأن معنى
﴿يَقُضُي﴾ يأتي ويصنع فالمعنى : يأتي الحق، ويجوز أن يكون المعنى : يقضي القضاء الحق. قال مكي : وقراءة الصاد أحب إلي ؛ لاتفاق الحرميين وعاصم على ذلك، ولأنه لو كان من القضاء للزمت الباء فيه كما أتت في قراءة ابن مسعود. قال النحاس : وهذا الاحتجاج لا يلزم ؛ لأن مثل هذه الباء تحذف كثيرا.