والتقرب منه ؛ ألا ترك أنك إذا قلت : تمايل الغصن فإن ذلك يقتضي تأودا ومقاربة ميل، وإذا قلت : تميل فقد ثبت حكم الميل، وكذلك تصاون الرجل وتصون، وتعاقل وتعقل ؛ فالمعنى غير متعمد لمعصية في مقصده ؛ قاله قتادة والشافعي. ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ أي فإن الله له غفور رحيم فحذف، وأنشد سيبويه :

قد أصبحت أم الخيار تدعي علي ذنبا كله لم أصنع
أراد لم أصنعه فحذف. والله أعلم.
٤- ﴿ يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾
فيه ثماني عشرة مسألة :
الأولى- قوله تعالى :﴿ يَسْأَلونَكَ ﴾ الآية نزلت بسبب عدي بن حاتم وزيد بن مهلهل وهو زيد الخيل الذي سماه رسول الله ﷺ زيد الخير ؛ قالا : يا رسول الله إنا قوم نصيد بالكلاب والبزاة، وإن الكلاب تأخذ البقر والحمر والظباء فمنه ما ندرك ذكاته، ومنه ما تقتله فلا ندرك ذكاته، وقد حرم الله الميتة فماذا يحل لنا ؟ فنزلت الآية.
الثانية- قوله تعالى :﴿ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ﴾ ﴿مَا﴾ في موضع رفع بالابتداء، والخبر ﴿ أُحِلَّ لَهُمْ ﴾ و ﴿ذَا﴾ زائدة، وإن شئت كانت بمعنى الذي، ويكون الخبر ﴿ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ﴾ وهو الحلال، وكل حرام فليس بطيب. وقيل : ما التذه آكله وشاربه ولم يكن عليه فيه ضرر في الدنيا ولا في الآخرة. وقيل : الطيبات الذبائح، لأنها طابت بالتذكية
الثالثة- قوله تعالى :﴿ وَمَا عَلَّمْتُمْ ﴾ أي وصيد ما علمتم ؛ ففي الكلام إضمار لا بد منه، ولولاه لكان المعنى يقتضي أن يكون الحل المسؤول عنه متناولا للمعلم من الجوارح المكلبين،


الصفحة التالية
Icon