وتشويشه عليهم بنباحه - كما قال بعض شعراء البصرة، وقد نزل بعمار فسمع لكلابه نباحا فأنشأ يقول :

نزلنا بعمار فأشلى كلابه علينا فكدنا بين بيتيه نؤكل
فقلت لأصحابي أسر إليهم إذا اليوم أم يوم القيامة أطول
أو لمنع دخول الملائكة البيت، أو لنجاسته على ما يراه الشافعي، أو لاقتحام النهي عن اتخاذ ما لا منفعة فيه ؛ والله أعلم. وقال في إحدى الروايتين :"قيراطان" وفي الأخرى "قيراط" وذلك يحتمل أن يكون في نوعين من الكلاب أحدهما أشد أذى من الآخر ؛ كالأسود الذي أمر عليه الصلاة والسلام بقتله، ولم يدخله في الاستثناء حين نهى عن قتلها فقال :"عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين فإنه شيطان" أخرجه مسلم. ويحتمل أن يكون ذلك لاختلاف المواضع، فيكون ممسكه بالمدينة مثلا أو بمكة ينقص قيراطان، وبغيرهما قيراط ؛ والله أعلم. وأما المباح اتخاذه فلا ينقص أجر متخذه كالفرس والهر، ويجوز بيعه وشراؤه، حتى قال سحنون : ويحج بثمنه. وكلب الماشية المباح اتخاذه عند مالك هو الذي يسرح معها لا الذي يحفظها في الدار من السراق. وكلب الزرع هو الذي يحفظه من الوحوش بالليل والنهار لا من السراق. وقد أجاز غير مالك اتخاذها لسراق الماشية والزرع والدار في البادية.
السابعة عشرة- وفي هذه الآية دليل على أن العالم له من الفضيلة ما ليس للجاهل ؛ لأن الكلب إذا علم يكون له فضيلة على سائر الكلاب، فالإنسان إذا كان له علم أولى أن يكون له فضل على سائر الناس، لا سيما إذا عمل بما علم ؛ وهذا كما روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال : لكل شيء قيمة وقيمة المرء ما يحسنه
الثامنة عشرة- قوله تعالى :﴿ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ﴾ أمر بالتسمية ؛ قيل : عند الإرسال على الصيد، وفقه الصيد والذبح في معنى التسمية واحد، يأتي بيانه في ﴿الأنعام﴾. وقيل : المراد بالتسمية هنا التسمية عند الأكل، وهو الأظهر. وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم


الصفحة التالية
Icon